الموضوع: ابن زيدون
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 31/07/2006, 01:52 PM
صورة لـ مضاوي
مضاوي
مُجتهـد
 
ابن زيدون

[img3]
وُلِدَ ابن زيدون في قرطبة سنة 1003م (394هـ) واسمه أحمد بن عبد الله بن زيدون أبوه فقيه من سلالة بني مخزوم القرشيين، وجدُّه لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر محمد ابن محمد بن إبراهيم، وكلمة صاحب الأحكام تعني أنه اشتغل بالفقه والقضاء.
كانت ولادة جميلة مثقفة شاعرة مغنية، لها مجلس بقرطبة يضم أشهر مثقفي وشعراء هذا العصر، أحبها ابن زيدون حبًّا ملك عليه حياته، وأحبته هي أيضًا، وعاش معها في قصة حب جميلة ، ثم هجرته لسبب قال فيه المؤرخون ان إحدى جواريها غنت في حضورها فأغضبها ذلك.. ولكي تغيظه وجدت عاشقًا جديدًا هو الوزير أبو عامر بن عبدوس.. وحاول ابن زيدون إبعادها عن ابن عبدوس واستعادة الأيام الجميلة الماضية، لكنها رفضت، واتهمه ابن عبدوس بأنه ضالع في مؤامرة سياسية لقلب نظام الحكم وزُجَّ به في السجن.. وكتب ابن زيدون قصائد كثيرة يستعطف فيها "أبا الحزم جهور" حاكم قرطبة، كما كتب قصائد أخرى لأبي الوليد بن أبي الحزم ليتوسط لدى أبيه، وكان أبو الوليد يحب ابن زيدون، لكن وساطته لم تنفع، فهرب ابن زيدون من السجن، واختبأ في إحدى ضواحي قرطبة وظل يرسل المراسيل إلى الوليد وأبيه حتى تمَّ العفو عنه، فلزم أبا الوليد حتى تُوُفِّيَ أبو الحزم وخلفه أبو الوليد الذي ارتفع بابن زيدون إلى مرتبة الوزارة.
أثناء ذلك كله لم يَنْسَ ابن زيدون حبه الكبير لولادة التي أهملته تمامًا، فجعله أبو الوليد سفيرًا له لدى ملوك الطوائف حتى يتسلى عن حبه بالأسفار وينساه، لكن السفر زاد من حب ابن زيدون لولادة وشوقه إليها، فعاد إلى قرطبة.. وما لبث أن اتهم مرة أخرى بالاشتراك في محاولة قلب نظام الحكم على أبي الوليد بن جهور الذي غضب عليه، فارتحل ابن زيدون عن قرطبة وذهب إلى بلاط المعتضد بن عباد في أشبيلية، وهناك لقي تكريمًا لم يسبق له مثيل، ثم زادت مكانته وارتفعت في عهد المعتمد بن المعتضد، ودان له السرور وأصبحت حياته كلها أفراحًا لا يشوبها سوى حساده في بلاط المعتمد أمثال "ابن عمار" و "ابن مرتين" اللذين كانا سببًا في هلاكه في الخامس عشر من رجب سنة 463 هجرية؛ إذ ثارت العامة في أشبيلية على اليهود فاقترحا على المعتمد إرسال ابن زيدون لتهدئة الموقف، واضطر ابن زيدون لتنفيذ أمر المعتمد رغم مرضه وكبر سنه، مما أجهده وزاد المرض عليه فدهمه الموت.
ظل ابن زيدون حتى آخر يوم في حياته شاعرًا عاشقًا، فبالشعر عشق، وبالشعر خرج من السجن، وبالشعر نال حظوظه من الحياة.. ولم ينس أبدًا ذكرى ولادة وأيامه الجميلة معها.. وقد كانت حياته المتقلبة، وحبه الكبير لولادة اشعار خالدة .

أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا


بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية قطوفُها فجنينا منه ما شِينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا أن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا
[/img3]




من مواضيعي :
الرد باقتباس