عرض مشاركة مفردة
  #45  
قديم 16/01/2007, 10:39 PM
السيف الثائر
مُشــارك
 
رد: الشهيد الصامد صدام حسين المجيد

ولكن قبل ذلك، لا بد لي من أن أضع النقاط على الحروف حول الكيفية التي عمل فيها الأكراد على تحريف حقيقة ما حدث في حلبجة عام 1988 وكيف سوقوا لها في الإعلام الغربي والأمريكي بالذات.

البداية

في عام 1993 تأسست في تل أبيب منظمة صهيونية بإسم "جامعة الصداقة الكردية الإسرائيلية" التي يرأسها الصهيوني اليهودي الكردي (أصلاً من مدينة زاخو العراقية) "موتي زاكن"، والذي عمل ولا زال يعمل مع اللوبي الصهيوني الأمريكي. إنتهى الأمر في عام 1996 إلى تشكيل مؤسسة في واشنطن تحمل إسم "معهد واشنطن للأكراد" والذي أسسه، بمساعدة مالية وإشراف من الموساد، الصهيوني المعروف "موريس أميتاي". والصهيوني "أميتاي" هذا هو مشرّع قديم في الكونجرس الأمريكي و عضو اللوبي للجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية المؤثرة ومستشار لمركز "فرانك جافني" للسياسة الأمنية و نائب الرئيس السابق للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (مؤسسة صهيونية في الولايات المتحدة تتولى الدفاع عن حزب الليكود وتتخصص في التعاون المشترك بين كبار ضباط الجيش الأمريكي ونظراءهم في القوات المسلحة الإسرائيلية). ومن أعضاء المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي المعروفين هم كل من ديك تشيني (نائب الرئيس الأمريكي حالياً)، جون بولتون، دوغلاس فيث و ريتشارد بيرل. كما أن "أميتاي" أيضًا عضو مهم في الجناح المؤيد لنزعة المحافظين الجدد الذين يدافعون عن التدخل الأمريكي الواسع والمباشر في الشرق الأوسط. ويشرف على "معهد واشنطن للأكراد" مجموعة من الأكراد المعروفين بإتصالاتهم وولاءهم للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية أمثال د. نجم الدين كريم (رئيس المعهد الحالي)، عمر حلمت، د. عثمان بابان، د. أسعد خيلاني، د. كندال نيزان، د. إسفنديار شكري و د. محمد خوشناو.


هل قام صدام حسين بإستعمال الغازات السامة ضد الأكراد أثناء ارتكابه لجريمة "الإبادة الجماعية" للأكراد العراقيين؛ والتي هي الصورة السائدة في أمريكا عن العراق ؟

إن منظمة مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch) تلك المنظمة الأمريكية غير الحكومية قد ناصرت تلك الادعاءات. ووفقاً لتقاريرها "فقد قتل 50.000، وربما 100.000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال بعد أن فلت زمام الأمور في الفترة ما بين فبراير/شباط و سبتمبر/أيلول 1988، وأن الضحايا كانوا من الأكراد العراقيين الذين قتلوا بطريقة منظمة حيث إستهدف القتل أعداداً كبيرة بناء على أوامر الحكومة المركزية في بغداد".

وزعمت المنظمة أن العراق قد إستخدم الأسلحة الكيمياوية في أربعين محاولة لشن هجوم على الأهداف الكردية خلال حملة وصفتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان بأنها إبادة جماعية. ويعد أهم هجوم ذكر في تلك التقارير هو هجوم بالسلاح الكيمياوي الفتاك الذي وقع في مارس/آذار 1988 والذي راح ضحيته، وفقا لدراسة أعدتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان أكثر من 3.200 شخص أو ربما يصل عدد الضحايا إلى 5.000 شخص أو حتى إلى 7.000 شخص.

حقا إنها مزاعم مخيفة، ولكن هل هي حقيقة ؟ تلك هي المسألة.

نحن نعلم جيداً باستخدام كل من العراق وإيران للأسلحة الكيمياوية ضد بعضهما البعض في الحرب الضروس التي إستمرت بينهما طوال ثماني سنوات والتي إنتهت في 20 أغسطس/آب عام 1988 حيث تم إعلان وقف إطلاق النار. فمعظم الهجمات العراقية المزعومة على الأكراد حدثت بينما كانت تلك الحرب مشتعلة بالرغم من أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان إدعت أن الهجمات إمتدت حتى شهر سبتمبر/أيلول. ولقد أقر النظام العراقي باستخدامه غاز الخردل ضد الجيش الإيراني ولكنه أنكر الإستخدام المستمر والمتعمد للأسلحة الكيمياوية ضد المدنين.



ولكن ماذا حدث في حلبجة ؟

إن أهم أحداث قتل للمدنيين الأكراد من جراء إستخدام الأسلحة الكيمياوية قد وقعت في حلبجة التي هي قرية عراقية تقع بالقرب من الحدود الإيرانية حيث قتل عدة مئات من الأفراد إثر تعرضهم للغازات السامة في منتصف مارس/آذار 1988. ولقد علمنا أن إيران إكتسحت القرية بما فيها من أعداد قليلة من أفراد القوات المسلحة العراقية؛ ولكن نشب الخلاف حول من هو المسئول فعلياً عن الضحايا : إيران أم العراق ، وكم عدد القتلى.



إن أفضل دليل كان ذلك التقرير الذي صدر عام 1990 عن معهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد خلص التقرير إلى أن إيران وليس العراق هي التي إرتكبت جرائم حلبجة !



أما "ستيفن بلتير" الذي كان كبير المحللين السياسيين في وكالة الاستخبارات المركزية ومسؤولاً فيها عن مكتب العراق أثناء الحرب العراقية-الإيرانية قد وصف النتائج التي توصل إليها فريق العمل لما حدث في العراق خلال الحرب العراقية-الإيرانية كما يلي:

"إن الغالبية العظمى للضحايا - كما رأى المقررون والمراقبون الآخرون الذين شهدوا على الأحداث – قد مُثل بهم وإرتكبت ضدهم فظائع وقتلوا بواسطة سلاح فتاك، ربما بواسطة غاز كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد ولكن العراق لم يكن يستخدم تلك الأسلحة الكيمياوية من قبل بل كان تنقصه القدرة على إنتاج تلك الأسلحة الكيمياوية في حين أنها كانت في حوزة الإيرانيين، وهكذا يكون الإيرانيون هم قتلة الأكراد.

ذكر "بلتير" أن عدد القتلى كان بالمئات وليس بالآلاف كما زعمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان والإدارة الأمريكية وإلى يومنا هذا تتفق وكالة الاستخبارات المركزية مع هذا الرأي.

بينما يقر تقرير كلية الحرب بان العراق إستخدم غاز الخردل خلال الهجوم على حلبجة. كما ذكر التقرير أن ذلك الغاز يصيب المصاب بالضعف، ولكنه ليس فتاكاً، أما معدل الوفيات من جراء إستخدامه فيصل فقط إلى 2% وبذلك لا يمكن أن يكون قد تسبب في مصرع آلاف القتلى وهذا عكس ما ذكرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان.

بينما أقر تقرير كلية الحرب الذي إستهدف إعادة صياغة الأحداث أن إيران هي التي بدأت بالهجوم وإستولت على المدينة، وقام العراقيون بهجوم مضاد باستخدامهم لغاز الخردل ثم هجم الإيرانيون ثانية، وفي هذه المرة إستخدموا عنصراً فتاكاً ألا وهو كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد. وإستولوا ثانية على المدينة وأحكمت إيران قبضتها عليها لعدة أشهر.

وبعد أن سيطروا على القرية وأصبح عدد القتلى كبيراً ألقت إيران باللوم على العراقيين وتأصلت الادعاءات الخاصة بالإبادة الجماعية (التي إرتكبها العراقيون) من خلال الصحافة العالمية، والأمريكية منها بشكل خاص. وبعد ذلك بفترة وجيزة، تم وضع تلك المزاعم في إطار ساخر من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الشيوخ الأمريكي وذلك لدواعي سياسية.

وصف "بلتير" مستنداته في آخر عدد من النيويورك تايمز - الذي أصبح عرضة للبحث - قائلا: "إنني في وضع يجعلني أعلم بكل صغيرة وكبيرة لأننى كبير المحللين السياسيين في الشؤون العراقية في وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الإيرانية – العراقية وكأستاذ في كلية الحرب منذ عام 988 إلى عام 2000. كما كنت مهتماً بالاطلاع على الكثير من المعلومات المحظور نشرها والتي تسربت من واشنطن وكانت كلها معنية بحرب الخليج".

"بالإضافة إلى ذلك كنت رئيساً لتحقيقات الجيش في عام 1991 فيما يتعلق بكيفية دخول العراق في حرب ضد الولايات المتحدة، ولقد تم سرد تفصيلات كثيرة تخص موضوع حلبجة في النسخة المحظور الاطلاع عليها".

هل كانت هناك حقاً حملة للإبادة الجماعية ؟

رفض "بلتير" أيضا الإدعاء المؤكد بأن – بالرغم مما حدث في حلبجة – صدام حسين قد تورط في شن حملة طوال أشهر عديدة من الإبادة الجماعية ضد الأكراد العراقيين وقتل فيها 50.000 أو 100.000 شخص أو أكثر. ووصف ذلك بأنه خدعة تفتقد إلى الوقائع ؛ وجاء شرحه كالآتي :

يمثل هذا الموضوع معضلة لعدم وجود أي ضحايا للغازات السامة. أما الواقعة الوحيدة التي تثبت أن الغاز قد استخدم فهي شهادات شهود عيان من الأكراد الذين هربوا إلى تركيا جمعها موظفي مجلس الشيوخ الأمريكي. ولقد أرينا تلك الشهادات لخبراء عسكريين ذكروا لنا أنها لا تحمل أي قيمة. أما الأعراض التي وصفها الأكراد فلا تتفق مع أي سلاح كيمياوي أو مجموعة من الأسلحة الكيمياوية. ذكر "بلتير" أيضا أن منظمات الإغاثة الدولية التي فحصت حالات اللاجئين الأكراد في تركيا قد فشلت في إكتشاف وجود أية غازات سامة.

ويعد "ميلتون فيورست" مفكراً مشككاً آخر، وهو مراسل الشرق الأوسط لمجلة نيويوركر ومؤلف لعدد كبير من الكتب، حيث أنه قد زار مناطق الأكراد في العراق عندما ظهرت على السطح إدعاءات إستخدام الغازات السامة في عام 1988 وأقر بالآتي:

"مما رأيته ومن واقع مشاهداتي، استنتجت أن الغاز الفتاك إذا تم استخدامه فإنه لا يستخدم في الإبادة الجماعية فالأكراد يمثلون خمس السكان العراقيين وهم جماعة مترابطة للغاية. وإذا كانت هناك عملية قتل واسعة النطاق كانوا سيعلمون بها ويشهدوا للعالم كله على ذلك. ولكنني أو أي شخص غربي آخر لم نسمع بمثل تلك الإدعاءات !".

وفي صميم الموضوع، ذكر فيورست أن "الصحفيين الذين زاروا مواقع الأكراد رأوا اللاجئين بقرح في الجلد ونظراتهم زائغة. وكما يبدو فهي أعراض تدل على تعرضهم للغازات السامة. وذكر أنها قد تكون أعراضا ناجمة عن غازات مسيلة للدموع قوية ولكنها ليست فتاكة."

وفي كتابه "قلاع الرمال" الذي صدر عام 1994 أضاف فيورست لتقريره:

"عندما عدت للمنزل تحدثت مع خبراء أكاديميين لم يستبعدوا بشكل قاطع إستخدام الغاز ولكن كان أصوب شيء الاعتماد على رأيهم لأنهم كانوا متشككين. وحدها واشنطن وخاصة الكونجرس هم المتأكدون بالرغم من أن السفارة الأمريكية في بغداد (والتي كانت في أفضل موقع لمعرفة أهم الأحداث والاطلاع عليها) قد أصرت على القصة الأصلية وحيّر هذا الإصرار العراقيين أنفسهم.

وفي الكتاب المذكور نفسه وصف فيورست برنامج إعادة الإستيطان الخاص بالأكراد العراقيين فأوضح "أن صدام قد أرسل - بعد وقف إطلاق النيران – جيوشه لقمع عصيان الأكراد نهائياً، وأمر جيوشه بالوصول إلى الحدود الإيرانية وإخراج السكان الأكراد من الإقليم إلى بعد ثمانية أو عشرة أميال في العمق مع تحييد منطقة كان يستخدمها اللاجئون كملاذ."

"كانت أهداف صدام مفهومة ولكن الأهداف التكتيكية كانت وحشية. وقام الجيش بنسف عشرات القرى بالديناميت حتى تركوها أنقاضاً ونقل آلاف السكان من بيوت أجدادهم إلى قرى إعادة الاستيطان في داخل المنطقة الكردية."

في هذه العملية قام 60.000 كردي بعبور الحدود مع تركيا حيث ذكروا للصحفيين أنهم يهربون من الهجوم بالغازات، وأنكر العراقيين بغضب هذا الاتهام ولكن وزير الخارجية الأمريكي "شولتس" إدعى بأنها صحيحة، وأن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وبدون إجراء أية تحقيقات إقترحت مشروع قانون لفرض عقوبات مشددة على العراق. وأجج اللوبي الموالي لإسرائيل نيران الصراع وتمت الموافقة على القانون وتمريره. ولكن في معسكرات اللاجئين الأتراك كانت فرق الأطباء الدولية أكثر تشككاً بادعاءات اللاجئين وذكروا أن الفحوصات لم تؤكد إستخدام الغاز على الإطلاق.


واجه كل من "بلتير" و "فيورست" الادعاءات الخاصة بإطلاق العراقيين للغازات السامة على الأكراد كونه كان المحور الرئيسي لإدعاءات الإبادة الجماعية. فقد تحولت تلك الادعاءات إلى مزاعم بأن طرق قتل العراقيين تضمنت إستخدام الغازات والنسف بالقنابل وإعدام أعداد كبيرة من الأكراد.


وهناك صوت معارض لذلك غريب جداً وهو خاص بوكالة الاستخبارات المركزية في ملف أكتوبر/تشرين الأول 2002 عن "برنامج أسلحة الدمار الشامل الخاص بالعراق". حدد هذا الملف عشرة حالات فقط لإستخدام العراق للأسلحة الكيمياوية، ولم يتم إستعمال أياً منها ضد الأكراد وبشكل خاص خلال الحرب الإيرانية – العراقية. تمت الإشارة إلى سبعة هجومات إستخدمت ضد الإيرانيين وثلاثة فقط كان ضحاياها من الإيرانيين والأكراد بما فيها حلبجة، ودعم هذا إدعاء العراق بأنه إستخدم غاز الخردل فقط في العمليات الحربية ضد إيران.

والأهم من ذلك زعمت وكالة الاستخبارات المركزية إصابة 20.000 شخص ما بين قتيل وجريح في الحملة العراقية المزعومة ضد الأكراد، بعكس تأكيد منظمة حقوق الإنسان على وفاة 50.000 أو 100.000 شخص. إن تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية يجب أن يتم تفسيرها كأرقام قصوى ممكنة.

تحليل تقارير عن الإبادة الجماعية :

أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان عدة تقارير تشكل العمود الفقري لموضوع الغازات السامة وادعاءات الإبادة الجماعية ، وأن تقريرها الرئيسي كان عن "الإبادة الجماعية في العراق"، إضافة إلى تقرير عنوانه "حملة الأنفال ضد الأكراد" لمنظمة أطباء لحقوق الإنسان وهي منظمة أطباء ملحقة بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان وتتعاون معها ولكن تقريرها ليس على أساس من البراهين وإنما واهي بشكل كبير ويتكون من لقاءات مع 350 من الأكراد في كردستان في عامي 1992 و 1993 بعد أربع وخمس سنوات من وقوع الأحداث ونبش للقبور في ثلاث قرى وفحص وثائق حصل عليها المتمردون الأكراد من موظفي الحكومة العراقية الذين تم إعتقالهم.


إن البيئة السياسية التي تم في إطارها إجراء اللقاءات تتمثل كونها أجريت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهى بالطبع دولة تدعم بقوة حركة الأكراد وتتعاون مع ممثلي وزارة الخارجية الأمريكية ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهذا ما يضعف من مصداقية كل ما تم ذكره عن اللاجئين. كان لدى الذين أجروا هذه اللقاءات الدوافع الكاملة لإرضاء منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي كانت في وضع يتطلب منها مساعدة الأكراد ولم تجد للقيام بذلك سوى نشر تقارير عن تلك الجرائم الوحشية



وما لا يصدقه عقل هو تأكيد تلك المنظمة على وقوع عمليات إبادة جماعية بالرغم من الصعوبة الشديدة في العثور على دليل مادي. ومن خلال نبش ثلاث مقابر تم إخراج 26 جثة لرجال وفتيان تم إعدامهم. بالفعل كان هذا عملاُ وحشيا ولكنهم تركوا 99.974 جثة لم يتم التعرف على ظروف وفاتها. كما أن هناك مقبرتان، وجد بهما جثث لعدة أفراد تم دفنهم على حدة وتوفوا لأسباب غير معروفة، الأمر الذي لم يقدم أي دليل يدعم المزاعم الخاصة بالإبادة الجماعية.

.



من مواضيعي :
الرد باقتباس