عرض مشاركة مفردة
  #56  
قديم 22/06/2005, 07:41 PM
الطائر الحزين
مُتـواصل
 
هذه قصة توبة الشاعر امريء القيس ..
...روي المرزباني((1))....عن الازدي ..قال كان امرؤ القيس الكندي وهو مخرق الاول ..طويل المصاحبه للهو ..كثيرالعكوف علي اللعب .



فركب يوما اما ذاهبا الي الباديه للاقامه ..واما للصيد ..فأنقطع عنه اصحابه ..فأذا هو برجل جالس قد جمع عظاما من الموتي وهي بين يديه يقلبها ...فقال له ..ما قصتك ايها الرجل... وما بلغ بك الي مااري من سوء الحال ونحول وضعف وهزال في البنيه والجسم ..وتغير في اللون ..والانفراد في هذا الخلاء ..؟ قال ..اما ذلك فلأني علي جناح سفر بعيد ..وبي موكلان مزعجان يسيران بي ..الي منزل ضنك وضيق المحل ...مظلم القعر ..كريه المقر ..ثم يسلماني الي المصاحبه البلي ومجاورة الهلكي وتحت اطباق الثري ..فلو تركت بذلك المنزل مع جفائه وضيقه ووحشته ..وارتعاء خشاش الارض ..اي الاكل من حشراتها وصغار دوابها ...حتي اعود رفاتا وتصير عظمي رمما ....كان للبلاء انقضاء وللشقايه نهايه ..ولكني ادفع بعد ذلك الي صبيحة الحشر ..وارد وارجع لهول مواقف الجزاء ..ثم لا ادري الي اي الدارين يؤمر بي ..فأي حال يلتذ ويعجب به من يكون الي هذا الامر مصيره ؟

..فلما سمع الملك _امرؤ القيس _كلامه ..القي نفسه من فرسه وجلس بين يديه ...وقال >((ايها الرجل ..لقد كدر مقالك علي صفو عيشي..وملك الاشفاق قلبي ..فأعد علي بعض قولك واشرح لي دينك ..))..فقال له..اما تري هذه التي بين يدي ؟ قال : بلي ...قال ..هذه عظام ملوك غرتهم الدنيا بزخرفها ..واستحوذت علي قلوبهم بغرورها ..فألهتهم عن التأهب لهذه المصارع حتي فاجأتهم الاجال وخذلتهم الامال وسلبتهم بهاء النعمه ..وستنشر هذه العظام فتعود أجسادا..ثم تجازي بأعمالها ..فأما الي دار القرار ..واما الي محل البوار.

..ثم اختلس الرجل _اي ذهب خلسه دون ان يحس به احد _ فلم يري له اثر ..وتلاحق اصحاب الملك ..وقد تغير وامتقع لونه ..وتواصلت عبراته ..وركب وقيذا _اي ثقيلأ من المرض_..فلما جن عليه الليل ..نزع ماعليه من لباس الملك ..ولبس طمرين..وخرج تحت الليل ..فكان اخر العهد به ...


ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
((1))..ابو عبيدالله محمد بن عمران بن موسي المرزباني..اخباري ومؤرخ واديب (توفي سنة 384هـ)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الرد باقتباس