عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 05/05/2018, 07:50 PM
السعيد شويل
نشيـط
 
القتل العمد وجزاؤه

القتل العمد وجزاؤه
************************************************** ********************
.......
لما كانت الطباع البشرية والأنفس الشريرة تميل إلى الظلم والإعتداء ولما كان ذوى الصفات السبعية يرغبون فى استيفاء
الزائد على الإبتداء وحتى لا يتجرأ ذوو الجهل والحمية على القتل والفتك فيؤدى ذلك إلى التفانى والفناء ..
شرع الله فى تعاليمه وأحكامه الحدود والعقوبات ..
...
الجنايات : هى كل فعل محظور يتضمن ضرراً على النفس أو العرض أو المال .
والحدود : عقوبة مقدرة شرعاً بكتاب الله أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويطلق الحدعلى الجريمة أو على العقوبة فيقال مثلاً
حد السرقة أو حد القطع أو حد الزنا أو حد الرجم ..
والتعزيرات : عقوبة غير مقدرة شرعاً متروكة لسلطة ولى الأمر الغرض منها الزجر والتأديب والإصلاح .. والتعزير يعنى : الردع ..
والأفعال التى يعزر عنها المرء هى كل فعل يعد معصية لا حد له ولا كفارة ..
والعقوبة فيه يقدرها الحاكم طبقا لظروف وجسامة الفعل ودون إخلال بالتناسب بين ما يقترفه الجانى وبين ما يعاقب به ..
*****
ففى القتل .. وحدّه : القصاص
لو علم القاتل أنه سيقتل .. سيكف عن القتل .. وبهذا : يكون قد أحيا نفسه .. وأحيا غيره .. يقول جل ذكره :
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ } ..
وكذلك فى الجرح .. فالذى يجرح غيره أو يكسر عظمه أو يقطع عضو من جسمه أو لحمه .. لو علم أنه سوف يقتص منه بمثل ما فعل فلن يقدم على فعله ..
{ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ }
فبالقصاص : تحيا الأنفس وتصان الأرواح .. وتسلم الأجزاء والأعضاء ..
*****
والقتل العمد .. هو تعمد إزهاق روح نفس أو أكثر ( والشريك فيه كالفاعل الأصلى سواء كانت مشاركته بالمساعدة أو المساهمة أو التحريض ... )
ويستوى فى ارتكاب الجرم أى شكل أو وسيلة ( فيستوى أن يكون بإطلاق الرصاص أو استعمال آلة حادة أو إطلاق الصواريخ أو إلقاء القنابل ..... إلخ )
طالما أدت إلى النتيجة الإجرامية وهى القتل .. وجميع الأنفس المؤمنة مستوية فى الحرمة والعصمة ..
فإن أقدم الجانى وأطلق الرصاص لقتل " زيد " فأصاب " عبيد " فهو قاتل متعمد ..
أما إن كان يريد قتل صيد أو طير أو حيوان فأصاب إنسان فالقتل هنا قتل خطأ لأن إرادته ونيته وقصده الجنائى لم يكن متجهاً لقتل النفس ..
.......
والقصاص من القاتل لايستوفى إلا بالسيف .. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاقود إلا بالسيف ) ..
ويقتل الواحد بالجماعة .. والجماعة بالواحد ولقد قتل سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه سبعة بواحد وقال : ( لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) ..
ويُقتل الحر بالحر .. والعبد بالعبد .. والحر بالعبد .. والعبد بالحر .. والذكر بالأنثى .. والأنثى بالذكر .. والصغير بالكبير .. والكبير بالصغير ..
يقول جل شأنه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ .. وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ .. ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
.......
وإن هرب القاتل . أو لم تمتد يد القدرة عليه . ولم يؤوب ويتوب ويستغفر الله .. فقد باء بغضب ولعنة من الله وأعد الله له عذاب عظيم وفى نار جهنم من الخالدين ..
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس ) رواه البخارى ومسلم .
.......
ومن تخفيف الله على عباده ودوام المودة والرحمة بينهم وإزاحة البغض والعداوة .. أباح الله لولى الدم العفو والمصالحة ..
وولى الدم هو من يملك الحق فى القصاص من الجانى أو الجناة .. فإن عفا أو تصالح فعلى القاتل :
دفع الدية .. والكفارة .. والتوبة إلى الله ..
الدية : هى ما يؤدى " مقدارها : مائة من الإبل .. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( فى النفس المؤمنة مائة من الإبل )
ولما كان من تعاليم الإسلام وأحكامه ألا يذهب فيه ولا يضيع دم هدرا ..
فإنه إذا ما مات القاتل أو سقط عنه القصاص فقد وجبت الدية فى ماله لا تتحملها العاقلة ( العائلة ) ..
وإن كان معسراً أو فقيراً غير موسر وجبت الدية فى مال ورثته .. " وبنسبة فرض كل منهم فيما لوكان له إرث " ..
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاتعقل العاقلة عمدا ولا صلحا ) .
...
وقد ذهب البعض من الفقه الإسلامى إلى .. أن دية المرأة تساوى دية الرجل استناداً إلى أن النص القرآنى ورد عاماً دون تفرقة بين الرجل أو المرأة ..


والبعض الآخر قال بأنها على النصف من الرجل استناداً إلى الميراث والشهادة .
وقيل بجواز تقويمها نقداً أو ذهباً أو فضة .. وجواز تغليظها " دية مغلظة " . فتزيد الثلث إذا كان القتل فى الأشهر الحرم ( شهر رجب . ذو القعدة . ذو الحجة . محرم ) .
أو إذا كان القتيل محرماً لقاتله أو من ذوى رحمه ..
........
والكفارة : هى : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين .. وهى التى أوجبها الله فى القتل الخطأ نصاً فى كتابه ولذا فهى أولى فى القتل العمد إن تم العفو عن القاتل ..

{ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ
وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ }
........
والتوبة إلى الله : من نِعم الله على خلقه وسِعة رحمته وفضله أنْ جعل للقاتل أو القتلة توبة واستغفار ..
فإنْ آبوا وأنابوا إلى الله وأخلصوا دينهم لله وتابوا وكانت أعمالهم صالحة فسوف يغفر الله لهم إنه هو الغفور الرحيم ..
يقول عز وجل : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } .
سبحانه يغفر لكافة خلقه وعباده كل ما اقترفوه من ذنوب وأوزار وآثام مهما بلغت أو عظمت ( إلا أن يشركوا بالله ) ..
فمن عصى وتعدى حدود الله وقتل أو زنى أو سرق فلا ييأس ولا يقنط من رحمة الله ..
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
*****
إن توهم الواهمون أن هناك حكماً شرعياً أنزله الله فى كتابه أو سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنته يصعب تطبيقه أو يجب إرجاؤه ..
فكأنهم يقولون بأن الله ليس خبيراً بعباده فكلفهم مالا يطيقون ولا يتحملون ..
وإن سطى معتدٍ وتعدى مراسم الشرع وافترى على حدود الله فلا يُؤمَن له أن يكون قد انسلّ من ربقة الدين انسلال الشعرة عن العجين ..
يقول رب العالمين : { وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى فقالوا يارسول الله ومن يأبى قال من
أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى ) رواه الإمام البخارى فى صحيحه .
*****
ولا يحسب من اقترف الظلم والقتل ومن هاموا فى الأرض فساداً وإفساداً بأن الله غافل عنهم .. أو أنهم لن يحاسبوا ..
{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } .. { أَفَحَسِبْتمْ أَنمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً }
لقد أمد الله لهم العمر وأفسح لهم مُهله .. فما الذى يمنعهم عن التوبة والإستغفار ..
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ .. إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }
.......
************************************************** ********************************
سعيد شويل




من مواضيعي :

آخر تعديل بواسطة السعيد شويل ، 06/05/2018 الساعة 01:33 PM
الرد باقتباس