الموضوع: دموع السجينات
عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 18/05/2008, 05:58 PM
صورة لـ صدى المشاعر
صدى المشاعر
مُتـواصل
 
: دموع السجينات

- الجزء السابع -

طعنة سيجارة ... !!

كثيرٌ هي قصص السجينات لكنَّ القليل منها من تخرج قصتها من الأعماق والفؤاد لتذكر ما حدث بتجرد فالسجن موحش لكن السبب لدخول السجن أشد من الوحشة والظلام فهذه الأخت السجينة كانت مثل غيرها من النساء والفتيات إلا أنها حضرت حفلةُ لعدد من زميلاتها بما يسمى ( عيد الحب ) 14/2/ 2003 م لتشاهد إحدى صديقاتها وبدون مقدمات تشعل سيجارة أمام الفتيات والكل ما بين مصدقة ومكذبة وأخذت في نفث الدخان بشراهة لتطلب إحدى الفتيات سيجارة منها ففعلت وشاركتها في عملها مجموعة من الفتيات وطلبت منهنَّ أن تشاركهم فرفضت وتحت المجاملة وافقت وما هي إلا لحظات وأصبح الحفل البهيج غائماً بسحابة بيضاء من آثار الدخان لتنتهي الحفلة بشكل لم يتوقعه الجميع فخرجت ذاهبة لبيتها وهنا أترككم معها وهي تحكي قصتها بنفسها مما كتبته الأخت السجينة ..
خرجت من الحفل وصور البنات ونشوة التدخين اللعين مع الرقص على أنغام الأغنية العربية والإزعاج الغربي لم تفارق مخيلتي إعجاباً بما رأيت من التنظيم والإتيكيت وعدت للبيت ورائحتي تعج بالتدخين فشمت أمي ذلك فنهرتني بصوت مرتفع فسمع ذلك والدي فضربني بشدة وطلب مني أن أقاطع المجموعة والأبد وبعد يومين ذهبت للجامعة وأنا في وضع سيء جداً فأخبرت إحدى صديقاتي بما حصل وجرى وكيف فعل بي والدي ؟؟ لكنها خففت علي بأن ذلك فقط في البداية ثم سيقبل بالأمر الواقع وبدأت أدخن في الخفاء وخاصة حالة خروجي للجامعة مع السائق وأعلل ذلك أمام من يسألني عن الرائحة بأنه أخي الذي يدخن بشراهة وبعد أسبوع تقريباً وجهت لي صديقتي دعوة لحضور حفلة فطارت نفسي فرحاً بذلك وكل ذلك لأجل أن تعود لي أيام الأنس التي لم تفارق مخيلتي لكن أبي وأمي كيف أقنعهم بذلك بعد ما حصل من العقاب فاستئذنت والدي فأوسعني شتماً ولم أعرف كلمة توبيخ في المعجم اللغوي إلا قالها وحذرني وبشدة أن أساير هذه الرفقة فجلست في بيتي حسيرة مكسورة الخاطر مهمومة لم أتناول طعاماً مع محاولات أهلي لكن مشاهد الحفلة السابقة استولت على تفكيري .
ومضت الأيام والشهور وأصبحت صديقتي تعطيني حبوباً تخفف علي كثيراً من قسوة أبي وتنسيني شيئاً من حياتي وحينئذ عرفت أنها نوعاً من المخدرات وكانت في بداية الامتحانات وبصراحة كانت حبة واحدة تمنحني نشاطاً غير معتاد مما جعلني أدمن عليها وبشكل يومي لأجل أن أتجاوز امتحانات الجامعة ونجحت ولله الحمد وجاءت الإجازة فقرر الصديقات إقامة حفلة مماثلة لما سبق فقمت بإقناع والدتي بأنهم غير تلك الجلسة وكذبت عليها وأعطيتها مواثيق وعهود أن أكون ملتزمة زاد اهتمامي بأن أقنعها بأن هناك نوعاً جديداً من الكيف كما تقول صديقتي ستحضره لنا في الحفلة ولا أريد أن أتخلف عنها فاقترحت على أمي أن تقول لوالدي : أنها مناسبة خاصة غير الأولى وتقنع والدي بذلك فرفضت فقلت : قولي له إنه موعد لدى طبيب الأسنان سيما أن الحفلة ستكون بعد العصر إلى 9 مساء فوافقت وأخذت الأذن من والدي وخرجت مع صديقتي بسيارتها وفي لحظة ارتكب السائق خطأ مرورياً طلب منه رجل الأمن التوقف وفجأة إذ بسيارة تصطدم بنا وجاءت سليمة والحمد لله لكن اكتشف أحد رجال الأمن مشروبات كحولية بالسيارة فقبض علينا والسائق وأحالونا للشرطة وأوقفت على ذمة التحقيق وعلم والدي وأهلي ورفض المجيء وجاء أخي الأكبر وتكشف الأمور أن الدخان الذي يتعاطاه الفتيات مخلوط بحشيش وأن المشروبات الكحولية أنموذج للكيف المزعوم حصدت بحبي لهذه الحفلات الحمراء عقوقي لوالدي ودخولي السجن لمشاركتي في إقامة حفلات مشبوهة كانت البداية سيجارة ونشوة وإلا ما ضرني ضرب والدي وقسوته فهي أرحم والله من شهوة فارغة وصداقة قاتلة في ظل الاجتماعات باسم التخرج والعيد والمناسبة وكثير من هذه الاجتماعات طريق للفساد والضياع ومن ذلك الحفلات التي قتلت الأدب في مهده والأخلاق في أسمى معانيها

-----------------------------------------------------------------------

أختي سارقة !!!

في اتصال هاتفي من إحدى الفتيات ودموعها تسبق حديثها حكت لي مأساة أختها السجينة وعن حياتها المؤلمة فطلبت منها إعادة الاتصال كي أقيد تفاصيل قصتها فحصل ذلك فكان مما قالته : أن أختها عاشت معها أيام طفولتها الجميلة ثم دراستها الابتدائية وكانت لا ترضى بأقل من تقدير ( ممتاز ) وبالفعل كان التفوق والامتياز حليفها الذي لا يفارقها حتى الثانوية حين تغير مجرى حياتها إذ تعرفت على صداقة سيئة من الفتيات حتى غيروا تفكيرها وآمالها لكن ! وفي يوم من الأيام رأيتها تسرق ذهب والدتي وتأخذه معها للمدرسة وفي المساء أحست أمي بفقدان الذهب فدارت الشكوك على الخادمة أن تكون السارقة وأهينت بشكل قاسي لا يوصف وأنا ساكتة لعل أختي تعيده ومن الغد تفاجأت بحقيبة أختي المدرسية فيها مبلغ كبير يقارب (13) ألف ريال فعرفت عبر مكالمة هاتفية مع صديقتها أن المبلغ هو قيمة ذهب الوالدة وقد باعته صديقتها لكن السؤال المحير لماذا هذا المبلغ ؟؟ وما عساها تريد أن تفعل به ؟؟ علماً بأن أختي انقلبت حياتها إلى هموم وأحزان ، ومصائب ومصاعب ولم تعد كعادتها وهجرت تلاوة القرآن الكريم وأكثرت من السهر وأدمنت متابعة الإنترنت بكثرة حتى غرقت في بحر الشهوات وتاهت في دهاليز الظلمات مما أورثها النكد في العيش والظلمة في القلب والضيق في الصدر ...
وفي المساء ..
سمعتها تتحدث لصديقتها عبر الهاتف يتفقان على شيء مجهول وفي الصباح اعتذرت عن الذهاب للمدرسة لمرضها وهنا راودني الشك بأنها كاذبة وأنها تريد الترتيب لشيء غامض بالترتيب مع صديقتها فسكت ويا ليتني أخبرت والدي لكن ذهبت للمدرسة كعادتي ولما عدت ظهراً لم أجد أختي في غرفتها فأخبرت أمي فسقطت من هول المصيبة مغماً عليها فاتصلت بوالدي وإخواني وأخبرتهم بالقصة كلها منذ رأيتها تسرق الذهب والمبلغ في حقيبتها واتصالات صديقتها المشبوهة .
هنا .. أخذوا أهلي وجدوا في البحث والتحري وبلغوا رجال الأمن حتى خيم المساء بظلامه المخيف وإذ بالهاتف يرن مخبراً بأنه تم العثور عليها ويلزم حضور ولي أمرها فذهب أخي وعاد بدونها مما أصابنا بصدمة قاسية فصرخت في وجهه أين أختي ؟؟ أين هي ؟؟ فهدأ من روعنا وأخبرنا بأنها سجينة ومتهمة ببيع كميات هائلة من الذهب على إحدى المحلات التجارية وشك فيها هي وصديقتها فأبلغ رجال الأمن فقبضوا عليها سيما أنهما حديثتا السن وهنا كانت المفاجأة فقد كانت أختي خامسة العصابة التي تسرق الذهب وتبيعه بأي مبلغ وكانوا يضعون المبالغ لدى أختي ودليل ذلك أن رجال الأمن قاموا بتفتيش غرفتها مع رجوع أخي ووجدوا مبالغ مالية كبيرة مختلفة الفئات ومجموعة من الذهب ويشهد الله أن أختي لم تمارس السرقة حتى تعرفت على هؤلاء الصديقات اللواتي ورطوها فدخلت السجن وهناك استيقظت من غفلتها لكن بعد فوات الأوان ..


حكم عليها بالسجن 4 أشهر وكنا نزورها باستمرار حتى شاء الله وقدر وتوفي الوالد في حادث سيارة قبل خروجها بيومين وذهبت لزيارتها وأخبرتها فبكت بكاءً شديداً على والدي العزيز – رحمه الله – الذي طالما بكى وبكى بسبب جرمها وانحرافها وعانى المرارة والأسى على دخولها السجن وكان اليوم الأول في العزاء مؤرقاً ومخيفاً لنا من سؤال الناس عنها فقد كنا نعلل ذلك بأنها مصابة بانهيار عصبي وأنها في بيت أخي الأكبر لا تستطيع رؤية أحد ويلزمها الراحة كما قال الطبيب وغداً ستكون موجودة وحصل ذلك وخرجت صباح اليوم الثاني لتشاركنا العزاء في مشهد مهيب وتفاصيل مبكية للجميع فقد تغيرت أختي واستقامت ورزقها الله لساناً ذاكراً ووجهاً مضيئاً وكم كانت دعواتها لوالدي لا تفارق مسامعنا أثناء العزاء وكأنها ليست أختي السجينة وصدق الله :
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ،،،}

---------------------------------------------------------------

- تابع الجزء الثامن والاخير -

( اعتراف مدمنة )



من مواضيعي :
الرد باقتباس