سورة فاطر 

الجزء الثاني و العشرون

 
 

هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً (39)

الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يَخْلُف بعضكم بعضًا في الأرض, فمن جحد وحدانية الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضًا وغضبًا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكًا.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (40)

قل -أيها الرسول- للمشركين: أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركًا مع الله في خلق السموات, أم أعطيناهم كتابًا فهم على حجة منه؟ بل ما يَعِدُ الكافرون بعضهم بعضًا إلا غرورًا وخداعًا.

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (41)

إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا عن مكانهما, ولئن زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده. إن الله كان حليمًا في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورًا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (42)

وأقسم كفار قريش بالله أشد الأَيْمان: لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بُعْدًا عن الحق ونفورًا منه.

اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43)

ليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلبًا للحق, وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيِّئ والخداع والباطل, ولا يحيق المكر السيِّئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل, ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره.

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً (44)

أولم يَسِرْ كفار "مكة" في الأرض, فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حلَّ بهم من الدمار, وبديارهم من الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشًا من كفار "مكة"؟ وما كان الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السموات ولا في الأرض, إنه كان عليمًا بأفعالهم, قديرًا على إهلاكهم.

 
 

439

 

 

الصفحة السابقة  الصفحة التالية