عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 17/11/2007, 07:20 AM
الفارس الاخير
مُخلــص
 
مقالات جميله حول النفس..

إنها الفرامل !!

د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل .

حين نهم بالذهاب لمناسبة مهمة أو جميلة، ثم نسمع من قائد السيارة أن (فراملها) قد (تعطلت) قبل قليل، وأنه لم يعد يستطيع السيطرة عليها، فإننا – والعقلاء منا بالذات – سيزهدون في ذلك المشوار مع (أهميته)، لأنهم يرون حياتهم (أهم)!!

إنني يمكن أن أتحمل أن تتعطل بي السيارة، وأن أتأخر عن الوصول، لكن أن تكون بلا (فرامل)، فمعناه أنها قابلة للاصطدام بما يمكن أن يواجهها، سواء أكان جسراً أم جداراً أم سيارة، واصطدامها ذاك سيترك أثراً – ربما بالغاً – فيها، وفيمن هم داخلها. ومن هنا تأتي أهمية الفرامل.

المشكلة أن كثيرين يولون (فرامل) السيارة عناية غير عادية، فربما يستوحشون من ركوب سيارة يسمعون أن (فراملها) ضعيفة، لا متعطلة، وذلك لون من الاحتراز والحرص، لا يلامون عليه.. لكنهم يعيشون في حياتهم دون (فرامل)!!

ومن أبرز الجوانب في ذلك حالة الغضب والعصبية؛


فالإنسان الذي لا يمرّن عضلات الصبر في نفسه، والتي تمثل الفرامل، سيعطي لسانه – في مواقف الغضب- حرية (كاملة) في قذف الكلمات، غير (المفلترة)، وسينطلق في التصرف دون أدنى تفكير، وحين تنقشع سحابة الانفعال، ويكون (الاصطدام) قد وقع، ويرى (آثاره) السيئة في دنيا الواقع، ربما ندم، وقد يكون ذلك الندم شديداً، لكن ندمه ذاك لن يكون له قيمة، لأنه لم يدفعه إلى أن يعيد الاهتمام بـ(صيانة) فرامل (مركبة) ذاته، حتى لا يتكرر الموقف، ومن ثم فسيظل يتكرر عنده الندم .. ليجتمع عليه (ألم) التصرف (السيئ)، و(ألم) الندم!!

كم من الأشخاص الذين يشعرون بنشوة، وهم يرون نظرات الإعجاب – ممن حولهم – بجمالهم أو أجسامهم، أو يسمعون كلمات الإطراء بسبب وجاهتهم أو مناصبهم أو ثرائهم، ولكن ذلك كله (تذيبه) كلمة صدرت من جاهل، أو تصرف قام به أحمق، فإذا ذلك الوجه (الجميل) يبدو بصورة (موحشة)، وإذا ذاك الجاه (العريض) لم يمنح هذا الشخص إدراكاً أنه (أكبر) من أن تلفه عاصفة الغضب، بسبب مثل تلك الكلمات أو التصرفات..
ألم أقل إنها (الفرامل)!!

وهنا لا نستغرب أن يجعل المصطفى – صلى الله عليه وسلم- القوة (الحقيقية)، ليست قوة العضلات وضخامة الجسم، ولكنها (مَلْك) النفس، وقت الغضب!




العلاج النفسي الديني .

د. مسفر يحيى القحطاني .

لقد بات من الضروري جداً التركيز وبحرص على الجانب الديني في علاج العديد من الحالات النفسية كحالات القلق النفسي واضطرابات الشخصية وحالات المخاوف.
ذلك لآن العلاج الديني يعــد على جانب كبير من الأهمية لا يقل في ذلك شأناً عن بقية العلاجات النفسية الأخرى كالعلاج الدوائي (العقاقيري) وغيره.. وفي مجال الطب النفسي فان الغاية من أقامته هو العودة بالمريض النفسي إلى مجتمعه من جديد ليتفاعل معه وبالصورة العادية التي لا يشوبها أي خلل أو اضطراب بعد أن أعيد له توازنه النفسي و الاجتماعي.


وإذا كان هذا هو الهدف الذي يسعى إليه الطب النفسي فان هذا ما يحققه الدين (الدين الإسلامي) كركيزة أساسية من أعظم الركائز والدعائم التي يرتكز عليها الكيان النفسي لأي مسلم.
ولا يعد من الغريب أن محاولة الانتحار التي قد يقدم عليها الفرد المضطرب في بعض المجتمعات الإسلامية تمنعها اعتقاد الفرد في دينه فقبيل الشروع في التخلص من حياته فأن الرادع الإيماني يحول دون ذلك ويمنعه ليملك بذلك زمام نفسه.
والإدمان على تعاطي المخدرات وما يتسبب عنها من ضياع للصحة وشتات للأسرة فلقد بحثت جميع الطرق والأساليب للحد من خطورتها والقضاء عليها ومكافحتها فوجد أن تقوية الوازع الديني واستثارته هو خير ضمان وانجح وسيلة.


وللمختصين في هذا النوع من العلاجات طرقهم ومفاهيمهم المحددة فهم يستعينون ـ بعد الله ـ بالقران الكريم والأحاديث الشريفة مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الابتعاد عن النصح المباشر ومنح المريض الفرصة الكافية للتحدث عن معاناته والوقوف بنفسه على مواطن الضعف والقصور في شخصيته ومن حين إلى أخر يوضح له أوامر الدين الحنيف ونواهيه في ما يرتكبه من سلوك وعاقبة ذلك في الآخرة وما يعجل منه في الحياة الدنيا.
ولعله من المفيد ذكر الصفات الواجب توافرها في الشخص المعالج الديني ليكون علاجه ناجحاً وفعالاً فلا بد وان يكون لديه خلفية تعليمية جيدة في النواحي الدينية كعلوم القران والفقه والشريعة وقدر لا بأس به من مبادئ علم النفس وعلم الاجتماع كما يجب أن يتحقق في شخصه القدوة الحسنة واحترام المريض والإيمان بكرامته الإنسانية والمحافظة على إسراره.


ليس مع المضطربين فحسب حتى وفي تعاملنا نحن معشر المسلمين مع أبناؤنا فمن واجبنا نحوهم تقوية الشعور الديني والقيم الإسلامية النبيلة في نفوسهم وفي مختلف مراحل حياتهم المختلفة لتحميهم من متاعب الحياة شرورها وآلامها حتى لا يكونوا فريسة سهلة لصنوف شتى من الاضطرابات النفسية ولتحقق لهم صحة نفسية أفضل.





النفس وعلاقتها بالجسد والروح والعقل .

أ. فرحان بن سالم العنزي .

اهتم كثير من المفكرين والفلاسفة في موضوع البحث عن النفس وعلاقتها بالروح والعقل والجسد ، إلا أن أغلب تلك البحوث لم تسفر بشكل واضح عن التفسير المنطقي لتلك العلاقة حيث كانت في مجملها تعتمد على الحدس والآراء الشخصية.
ولعل المتتبع للمنهج الرباني يجد ما يكشف الحقيقة وينير الطريق حول ذلك فإن الله عز وجل هو من خلق النفس ونفخ الروح وكون العقل وخلق الإنسان في احسن تقويم..فلا هدي إلاّ هداه ولا علم إلا من علمه ، يقول تعالى:(وعلم الإنسان ما لم يعلم) العلق (5) . كما يقول جل شأنه: ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك(14).
لقد وردت النفس في القرآن الكريم على ألفاظ متعددة وفي صور مختلفة ،فلقد أتت للدلالة على الذات الآلهية كما في قوله تعالى: ( ويحذركم الله نفسه والله روؤف بالعباد) آل عمران (30)

كما وردت النفس في القرآن الكريم للدلالة على شخص الإنسان ، كما في قوله تعالى : (واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ) البقرة (48) ، (لا تكلف نفس إلا وسعها) البقرة (233) ، ( انه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) المائدة (32) ، ( ولقد راودته عن نفسه فأستعصم) يوسف (32).
كما وردت النفس في القرآن الكريم للإشارة الى الضمير الإنساني ، كما في قوله تعالى : ( ربكم اعلم بما في نفوسكم) الإسراء (25) ، ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) ق (16).
كما وردت النفس في القرآن الكريم للدلالة على طبيعة الإنسان ، كما في قوله تعالى : ( ولا اقسم بالنفس اللوامة) القيامة (2) ، ( وما أبري نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) يوسف (53) ، ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية) الفجر (27).

علاقة النفس بالجسد :

في القرآن الكريم تفريق واضح بين النفس والجسد ، يقول تعالى مخاطباً فرعون: ( ولقد جاوزنا ببني إسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتى إذا إداركه الغرق قال آمنت انه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل ، الآن وقد عصيت من قبل وكنت من المفسدين ، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيه وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون) يونس (90-92) ، يتضح أن البدن قد نجاه الله من اجل العبرة أما نفس فرعون الآثمة فقد ماتت ، يقول تعالى: ( كل نفس ذائقة الموت) آل عمران(185).
ومن الأدلة العلمية على التفريق بين النفس والجسد ، أنه لا يمكن أن يتم تحنيط الأجساد دون إزالة السوائل الموجودة في الجسم وفي ذلك إشارة الى الاختلاف بين النوعين. (الشريف، د.ت).
ومن خلال ذلك يمكن القول أن الجسد وعاء النفس فهو بمثابة المسرح للعمليات الناتجة عن التفاعل بين العقل والنفس.

النفس والروح :

المتمعن في لفظ الروح في القرآن الكريم يجد أنها وردت بمعنى إفاضة الحياة من الله عز وجل الى الإنسان ، يقول تعالى : (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) الحجر(26). وقد خرج ابن منده ، من رواية موسى ابن عبيده الربذي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أم كبشة بنت المعرور ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر ، ترعى في الجنة ، تأكل من ثمارها ، وتشرب من مائها ، وتأوي الى قناديل من ذهب تحت العرش، فيقولون ربنا ألحق بنا إخواننا وآتنا ما وعدتنا. وإن أرواح الكفار في حواصل طير سود ، تأكل من النار ، وتشرب من النار ، وتأوي الى حجر من النار ، يقولون ربنا لا تلحق بنا إخواننا ، ولا تؤتنا ما وعدتنا) (الحنبلي،1423هـ) . أي أن الحياة مستمرة حتى بعد الموت بقدرة الله عز وجل ، الذي يصف حال فرعون وأتباعه بعد الموت : ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم القيامة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر(46) . والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل الروح التي تعذب أو تنعم هي النفس؟ يقول الله عز وجل: (كل نفس ذائقة الموت) آل عمران (185) والموت هو الانقطاع الدائم عن الحياة بما تنطوي عليه من المشاعر والأحاسيس ، فإذا كانت الروح هي النفس فكيف يكون العذاب أو النعيم في البرزخ لنفسٍ ميته ليس فيها حياة!! والمتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة يجد أن الموت يقترن دائماً بالنفس في حين تقترن الروح بالحياة.

النفس والعقل :

العقل هو نعمة جليلة من الله عز وجل على الإنسان فقد كرمه به على سائر المخلوقات ، والعلاقة بين النفس والعقل علاقة تفاعلية فإذا رشد العقل فإن الإنسان يتصرف بالحكمة وتبعاً لذلك فإن النفس تهنئ وتسعد.
والمتمعن لألفاظ العقل في القرآن الكريم يجد أن لفظ العقل لم يرد كمصدر ، بل إن الألفاظ الواردة هي فعل العقل بمختلف إشتقاقاته ، وجميعها تدل على عنصر التفكير.(العثمان، د.ت). قال تعالى : (يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه) البقرة (75) ، (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) الأنفال(22).

ويتضح من العرض السابق أن الجسد والنفس والروح والعقل هي أشياء مختلفة عن بعضها البعض ، فالروح هي الحياة التي وضعها الله في الجسد ، والنفس هي الأداة الناقلة والمسيرة لهذه الروح في مختلف أجزاء الجسد ، أما العقل فهو هبة من الله جلّ شأنه خص بها الإنسان عن غيره من المخلوقات كي يسمو بنفسه عن الرذائل ويدرك أن الله حق وغيره باطل.


وقفة مع آيه :

قال تعالى : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) الرعد(11).
على المتعامل مع النفس البشرية أن يدرك هذه الحقيقة الربانية ، فالتغيير لا بد أن يكون في التركيب الداخلي للنفس البشرية قبل أن نعتني بتغيير الظروف الخارجية التي نتوقع أنها السبب في مشاكل النفس وتعقيدها - وقد تكون كذلك- ولكن إصلاح النفس داخلياً والقرب من الله عز وجلّ هو كفيل بالتغلب على كافة الصعوبات وقهر المعوقات.




من مواضيعي :
الرد باقتباس