عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 23/01/2007, 02:41 PM
صورة لـ زهرة الخزامى
زهرة الخزامى
ودود
 
زهرة المكان رد: لااااااااا تحزن

الفصل الثالث
وقفه
لا تحزن : لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا ، رسب ابنك
فحزنت ، فهل نجح؟! مات والدك فحزنت فهل عاد حيا؟! خسرت
تجارتك فحزنت ، فهل عادت الخسائر أرباحا؟! ، لا تحزن : لأنك
حزنت من المصيبة فصارت مصائب ، وحزنت من الفقر فازددت
نكدا ، وحزنت من آلام أعدائك فأعنتهم عليك ، وحزنت من توقع
مكروه فما وقع.
لاتحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة ، ولا زوجة حسناء ،
ولا مال وفير ، ولا منصب سام ، ولا أولاد نجباء.
لا تحزن : لأن الحزن يريك الماء الزلال علقمة ، والوردة حنظلة ،
والحديقة صحراء قاحلة ، والحياة سجنا لا يطاق.
لا تحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان
، وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: { فبأى ءالآء ربكما تكذبان
. {
لا تحزن : ولك دين تعتقده ، وبيت تسكنه ، وخبز تأآله ، وماء
تشربه ، وثوب تلبسه ، وزوجة تأوي إليها ، فلماذا تحزن؟!
نعمة الألم
الألم ليس مذموما دائما ولا مكروه أبدا ، فقد يكون خيرا للعبد أن
يتألم.
إن الدعاء الحا يأتي مع الألم ، والتسبيح الصادق يصاحب الألم ،
وتألم الطالب زمن التحصيل وحمله لأعباء الطلب يثمر عالما جهبذا
، لأنه احترق في البداية فأشرق في النهاية. وتألم الشاعر
ومعاناته لما يقول تنتج أدبا مؤثرا خلابا ، لأنه انقدح مع الألم من
القلب والعصب والدم فهز المشاعر وحرك الأفئدة. ومعاناة الكاتب
تخرج نتاجا حيا جذابا يمور بالعبر والصور والذآريات.
إن الطالب الذي عاش حياة الدعة والراحة ولم تلذعه الأزمات ،
ولم تكوه الملمات ، إن هذا الطالب يبقى آسولا مترهلا فاترا.
وإن الشاعر الذي ما عرف الألم ولا ذاق المر ولا تجرع الغصص ،
تبقى قصائده رآاما من رخيص الحديث ، وآتلا من زبد القول ، لأن
قصائده خرجت من لسانه ولم تخرج من وجدانه ، وتلفض بها
فهمه ولم يعشها قلبه وجوانحه.
وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع : حياة المؤمنين الأولين الذين
عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة ، وبداية البعث ، فإنهم أعظم
إيمانا ، وأبر قلوبا ، وأصدق لهجة ، وأعمق علما ، لأنهم عاشوا
الألم والمعاناة : ألم الجوع والفقر والتشريد ، والأذى والطرد
والإبعاد ، وفراق المألوفات ، وهجر المرغوبات ، وألم الجراح ،
والقتل والتعذيب ، فكانوا بحق الصفوة الصافية ، والثقة المجتباة ،
آيات في الطهر ، وأعلاما في النبل ، ورموزا في التضحية ، { ذلك
بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا
يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا آتب لهم به
عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين } وفي عالم الدنيا
أناس قدموا أروع نتاجهم ، لأنهم تألموا ، فالمتنبي وعكته الحمى
فأنشد رائعته :
وزائرتي آأن بها حياء *** فليسن تزور إلا في الظلام
والنابعه خوفه النعمان بن المنذر بالقتل ، فقدم للناس:
فإنك شمس والملوك آواآب *** إذا طلعت لم يبد منهن آوآب
وآثير أولئك الذين أثروا الحياة ، لانهم تألموا.


إذن فلا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة ، فربما آانت قوة لك
ومتاعا إلى حين ، فإنك إن تعش مشبوب الفؤاد محروق الجوى
ملذوع النفس ، أرق وأصفى من أن تعيش بارد المشاعر فاتر
الهمة خامد النفس { ولكن آره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل
اقعدوا مع القاعدين }
ذآرت بهذا شاعرا عاش المعاناة والأسى وألم الفراق وهو يلفظ
أنفاسه الأخيرة في قصيدة بديعة الحسن ، ذائعة الشهرة بعيدة
عن التكلف والتزويق : إنه مالك بن الريب ، يرثي نفسه :
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى *** وأصبحت في جيش ابن عفان
غازيا
فلله دري يوم أترك طائعا *** بنى بأعلى الرقمتين وماليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت *** فانزلا برابية إني مقيم لياليا
أقيما علي اليوم أو بعض ليلة *** ولاتعجلاني قد تبين ما بيا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي *** وردا على عيني فضل
ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما *** من الأرض ذات العرض أن
توسع ليا
إلى آخر ذاك الصوت المتهدج ، والعويل الثاآل ، والصرخة
المفجوعة التى ثارت حمما من قلب هذا الشاعر المفجوع بنفسه
المصاب في حياته.
إن الوعظ المحترق تصل آلماته إلى شغاف القلوب ، وتغوص في
أعماق الروح لأنه يعيش الألم والمعاناة { فعلم ما في قلوبهم
فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } .
لا تعذل المشتاق في أشواقه *** حتى يكون حشاك في
أحشائه
لقد رأيت دواوين لشعراء ولكنها باردة لا حياة فيها ولا روح لأنهم
قالوها بلا عناء ، ونظموها في رخاء فجاءت قطعا من الثلج وآتلا
من الطين.
ورأيت مصنفات في الوعظ لا تهز في السامع شعرة ، ولا تحرك
في المنصت ذرة ، لأنهم يقولونها بلا حرقة ولا لوعة ، ولا ألم ولا
معاناة ، { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } .
فإذا أردت أن تؤثر بكلامك أو بشعرك ، فاحترق به أنت قبل ، وتأثر
به وذقه وتفاعل معه ، وسوف ترى أنك تؤثر في الناس ،{ فإذا
أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من آل زوج بهيج } .
نعمة المعرفة
{ وعلمك ما لم تكن تعلم وآان فضل الله عليك عظيما } الجهل
موت للضمير وذبح للحياة ، ومحق للعمر { إني أعظك أن تكون من
الجاهلين } .
والعلم نور البصيرة ، وحياة للروح ، ووقود للطبع ، { أو من آان ميتا
فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس آمن مثله في
الظلمات ليس بخارج منه } إن السرور والانشراح ياتي مع العلم ،
لأن العلم عثور على الغامض ، وحصول على الضالة ، واآتشاف
للمستور ، والنفس مولعة بمعرفة الجديد والاطلاع على
المستطرف.
أما الجهل فهو ملل وحزن ، لأنه حياة لا جديد فيها ولا طريف ، و لا
مستعذب ، أمس آاليوم ، واليوم آالغد.
فإن آنت تريد السعادة فاطلب العلم وابحث عن المعرفة وحصل
الفوائد ، لتذهب عنك الغموم والهموم والأحزان ، { وقل ربي
زدني علما } ، { اقرأ باسم ربك الذى خلق } .(من يرد الله به خيرا
يفقهه في الدين). ولا يفخر أحد بماله أو بجاهه ، وهو جاهل صفر
من المعرفة ، فإن حياته ليست تامة وعمره ليس آاملا : { أفمن
يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق آمن هو أعمى } .
قال الزمخشري المفسر :
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وصل غانية وطيب عناق
وتمايلي طربا لحل عويصة *** أشهى وأحلى من مدامة ساقي
وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من الدوآاء والعشاق
وألذ من نقر الفتاة لدفها *** نقري لألقي الرمل عن أوراقي
يا من يحاول بالأماني رتبتي *** آم بين مستغل وآخر راقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي ما
أشرف المعرفة ، وما أفرح النفس بها ، وما أثلج الصدر ببردها ،
وما أرحب الخاطر بنزولها ، { أفمن آان على بينة من ربه آمن زين
له سوء عمله واتبعوا أهواهم } .
فن السرور
من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن في
سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن
السرور فن يدرس ، فمن عرف آيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى
به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ، والنعم التي من بين
يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ،
فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه.
وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس.
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم
والغموم والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه
المزعجات ، وخفت عليه الأزمات.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول
ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام
بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه
بأنهم ( أهمتهم أنفسهم ، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في
داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا يعيشون لسواهم ، ولا
يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا أحيانا ،
ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا ، فنكسب
أمرين : إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين.
من الأصول في فن السرور : أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا
يتفلت ولا يهرب ولا يطيش ، فإنك إن ترآت تفكيرك وشأنه جمح
وطفح ، وأعاد عليك ملف الأحزان وقرأ عليك آتاب المآسي منذ
ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح
والمستقبل المخيف ، فزلزل أرآانك وهز آيانك وأحرق مشاعرك ،
فاخطمه بخطام التوجه الجاد المرآز على العمل المثمر المفيد ، {
وتوآل على الحى الذي لا يموت } .
ومن الأصول أيضا في دراسة السرور : أن تعطي الحياة قيمتها ،
وأن تنزلها منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض
والصدود ، لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن
هذه صفتها آيف يهتم بها ، ويحزن على ما فات منها. صفوها آدر ،
وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ، مولودها مفقود ، وسيدها
محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
أبني أبينا نحن أهل منازل *** أبدا غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الجبابرة الأآاسرة الألى *** آنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا
من آل من ضاق الفضاء بعيشه *** حتى ثوى فحواه لحد ضيق
خرس إذا نودوا آأن لم يعلموا *** أن الكلام لهم حلال مطلق
وفي الحديث : ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وفي فن
الآداب : وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته ، واقتناص
أسبابه ، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعا.
إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.
حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا ترى الإنسان فيها مخبرا *** ألفيتة خبرا من الأخبار
طبعت على آدر، وأنت تريدها *** صفوا من الأقذار والأآدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هاو
والعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعمارآم سفر من الأسفار
وترآضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما *** طبع الزمان عداوة الأحرار
والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك آل
آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في آبد }



من مواضيعي :
الرد باقتباس