* * * * * * * * *
~ وداع القمر ~
الحلقة الخامسة
* * * * * * * *
بكرة حفلتنا انا و بسام ....
الليلة آخر ليلة لي .... بنت وحيدة ... من بكرة ،
رح أصير ( خطيبة بسام ) ...
كانت الساعة 2 بعد نصف الليل ....
هذا الهاجس ما خلاني أعرف أنام ،
حاولت أبعد الفكرة عن بالي باي طريقة ، و فشلت ...
هاجس ثاني ، خلاني أراجع في ملاحظات سلطان لي ،
و أقراها وحدة ورا الثانية ... كأنها قراءة وداع ...
و بايدي ، ( السبحة الفضية ) ... يشهد و يتابع معي ... كلمة كلمة ...
ثنتين بعز الليل ، طلعت برى الحوش ...
مشيت بالحديقة شوي ... و رحت لعند ( الأرجوحة )
جنب النافورة الصغيرة ، و جلست عليها .... و تأرجحت ....
ثنتين نص الليل ، فيما الناس كلها نايمة ،
إلا أصحاب الآهات المحرومين ...
أنا أتأرجح ببطء على أرجوحة الزمن ...
و اسمع خرير الماء من النافورة اللي جنبي ...
و اتحسس النسمات الخفيفة الباردة ، تلفح بوجهي ...
و تحمل معها ، شذى الورود الخلابة .... اللي تملي الحديقة ....
غمضت عيني ، و حسيت باسترخاء ....
شذني صوت الماء ... فتحت عيني ... لفيت اطالع النافورة ....
و بلحظة ... حسيت بشحنة كهربية تسري بجسمي ...
لما طاحت أنظاري على انعكاس صورة وجهي ...
في قلب صورة وجه القمر ... على صفحة الماء ...
جفلت ، توقفت عن التأرجح ... تصلبت أطرافي ...
بحركة تلقائية ، رفعت عيني فوق ... للسماء السوداء المظلمة ...
اطالع جمال و أبهة البدر المكتمل ... و نوره الساطع ...
وقفت اللقطة عند هالحد ... مرت لحظات ،
و أنا جامدة مثل التمثال ...
و راسي مرفوع لفوق و عيني تحدق في القمر ...
و السكون يعم الأجواء ، إلا من خرير ماء النافورة ،
و نسمات الهواء الحايرة ....
حسيت ببلل على وجهي ، معقولة ماء النافورة صعد لوجهي ؟
رفعت إيدي ، و عيني ما زالت تحدق بالقمر باستسلام تام لسحره
و ذكرياته ... و تحسست الدموع اللي انسابت على وجهي
دون تحس عيني بحرارتها ....
(( نلتقي كل نصف شهر احنا و القمر ... ))
سلطان ....
ضغطت على السبحة اللي بيدي ... كأني أحاول أمسك الذكرى ،
لا ترجع للورا ...
ما عدت اشوف القمر ...
اختفى .... رغم كل النور اللي يصدر منه ....
رغم كل الجمال و العظمة اللي تحيط به ...
ما عدت اشوفه ....
سلطان العسل ... شاله من عرشه ... و جلس مكانه ....
صرت أشوف صورة سلطان ...
و بدل خرير الماء ، صرت أسمع صوت سلطان ....
و بدل أنسام الهواء ، صرت أحس أنفاس سلطان ....
و بدل أريج الورود ، صرت أشم .... عطر سلطان ...
بدت الدنيا تلف بي ، و الأرجوحة واقفة .... و الذكريات تتقلب بخيالي ...
و المواقف تتسابق و تصطدم ببعضها البعض .... من غير تنظيم ...
تواعدنا أنا ، و حبيبي سلطان ... نلتقي نصف كل شهر مع القمر ....
تواعدنا ... نظل نتأمل القمر ... و كل ٍيتخيل وجه الثاني بوجهه ...
تواعدنا ... نرسل مشاعرنا الدافية عبر القمر .... أنا من صوب ،
و هو من صوب ...
المسافة كانت تفصل بيننا ، مع ذلك ، كنا نقدر نشوف
شي واحد مشترك ، بنفس اللحظة ... القمر ....
(( أنا طالع أتأمل القمر يا قمره ، نلتقي ))
كنا نلتقي بالوهم ... بالخيال ... أرواح بدون أجساد ...
مشاعر بدون حواس ... هناك ... عند القمر ... نصف كل شهر ....
و مرت الشهور ......
و غاب الحبيب ، غيبة ما بعدها ظهور ...
و ظليت أنا و القمر وحدنا ...
*
* *
*
صرت اناظر في القمر و ما أشوف إلا ( العسل )
ما أحس بالوجه اللي يا ما بلله الدمع
يا ها لحظة قـّـلبت ذكرى العذاب اللي انغسل
لما وجهي بوجه البدر و و جه الحبيب انجمع
*
*
جاي تشمت بي ؟ و الا جاي تشهد وحدتي ؟
يا القمر ولـّـي و خلني بحالي خلني بغربتي
خلني اخفي ندوب الزمن ، خلني اداري دمعتي
ما بقيت الا انت تشمت بي و تفضح شيبتي
*
*
شاب شعري من عذاب الحب ، و ما هو من كـِـبَـر
داري انت بعمري و انت تمر علينا ، كل شهر
ذقت حرقة و ذقت فرقة و ذقت آهااات و قهر
كل اصناف العذاب ، لين ملا الشيب الشعر
*
*
جيت له و صوب السما ، رفـّـعت يديني للجليل
يا الله يا راد البدر و سط السما نص كل شهر
قادر ترجع حبيبي لو يمر عمر ٍطويل
رده يا ربي عليا ّ، نـوْر قلبي و النظر
*
*
يا بعيد النول أبعد ، من نجم و الا سراب
يا سبب حزني و همي و اكتئابي و العذاب
راد لي انطرك و الا ، ما تفكر في الإياب ؟
رد علي ، ايه و الا لا ؟ و الا صعب حتى الجواب ؟؟؟
*
* *
*
.... ســـلـــطـــاااااان ....
*
* *
*
- سلطان !
انتبه لي ، و التفت لي ، و ارتسمت الدهشة على وجهه ،
بس ما تقارن بالدهشة اللي كانت مرسومة على وجهي أنا ....
- شوق !!؟؟
- وش جالس تسوي ؟؟؟
- وش مصحيك انت ِ؟
- أنا كنت جالسة أذاكر ، نمت على المكتب و لا دريت بحالي !
صحيت و جيت ابي اصك النافذة و لمحتك ... !
تنهد أخوي سلطان ... و عرفت أن فيه شي ، بالأحرى ،
عرفت وش فيه ...
- أنت بخير ؟
- إيه بخير ، بس حبيت اشم شوية هواء ...
يشم شوية هواء الساعة ثنتين عز الليل ؟؟
قبل ساعة أنا فتحت النافذة ابي شوية هواء ،
ما كان هو موجود بالحوش ،
جلست عند مكتبي و قرأت لين غلبني النعاس و نمت بلا شعور ...
أنسام الهواء الباردة هي اللي صحتني ، و لما جيت اصك النافذة ،
لمحت أخوي سلطان واقف بالحوش يناظر القمر ...
و الله اللي يشوفه يفكره جالس يتكلم معه !
بصراحة خوفني أول ما شفته ، بس بعدها حسيت بقلق عليه ...
سلطان من كم ليلة ما هو طبيعي ... يتأخر بالعمل كثير ،
دوم شارذ ، و كأنه مهموم ... و أكيد منال و البقية لاحظوا ذا
الشي مثلي ...
- الجو بارد !
- نعم ، روحي نامي احسن يا شوق
- و أنت ؟
- جاي ...
- باحاول اقرا لي صفحتين ينفعوني بالامتحان !
- ما هو وقت مذاكرة الآن يا شوق ! خليها لبكرة
- بكرة رح انزحم ! تدري ! الحفلة تبدأ ثمان و رح انشغل
طول النهار استعد لها !
يا ليتني ما قلت ... ما ادري هو كان ناسي و أنا ذكرته ؟
و الا فاكر و أنا قلبت عليه الذكرى ؟؟؟
سلطان وجهه تغير ، حتى وسط ذاك الظلام ،
نور البدر سمح لي أشوف تعابيره تنعفس ...
و خصوصا ، لما رفع بصره
للقمر بعد ما سمعني ، كأنه يستشهده علي !
أخوي سلطان هو أغلى انسان عندي بالدنيا ، و ما لي غيره ...
أحزن لما أشوفه متضايق ، و أنا اعرف السبب ، و لا اقدر أسوي شي ...
أنا ما سمعته يقول لها ( أحبك ) ذاك اليوم ،
مثل ما سمعتها تقول له ، لكني شفتها مكتوبة ،
على ورقة من الاوراق
اللي تبعثرت من فوق المكتب ...
( قمره ، أنا أحبك )
بكرة ... تتملـّـك تمر حنا لواحد ثاني ... و سلطان ...
الليلة ... ما رح ينام ....
- تصبحي على خير ...
قالها بعد ما نزّ ل عينه عن القمر ، و دون ما ينظر لي ... و راح ...
- و انت من أهله اخوي ...
*
* *
*
ثلاث أسابيع مرت ، من ليلة خطوبتنا و ملكتنا أنا و قمر ...
خلال هالمدة ، قابلتها أربع مرات ...
و الليلة ، المفروض أن حنا طالعين نتعشى سوى في مطعم .
اتصلت علي قبل شوي ، و قالت أنها يمكن ما تقدر تطلع معي ،
عندها شغلة ضرورية من واجبات الجامعة ، و ما
تتوقع تخلصها قبل عشر الليل ...
بصراحة ، ضاق صدري و تكدّرت ...
عاد أنا كنت مبسوط و طاير من الفرحة ، أول مرة نروح سوى مطعم ...
ودي نستمتع بأوقاتنا ...
ثلاث أسابيع مرت ، و أنا ... للحين ما أحس ان قمر فرحانة
بي مثل ما أنا فرحان بها
يمكن لسا ما تعودت علي ؟ يمكن البنت خجولة شوي ؟؟ ما ادري ...
بس كنت أتوقع أن حنا رح ننبسط أكثر ...
على كل ٍ، زواجنا رح يكون بعد كم أسبوع ...
و أكيد الأوضاع رح تتغير ...
و ما دام الليلة ما فيه سهر مع الخطيبة ،
أروح أسهر مع الشباب على البحر ...
بدّ لت ثيابي ، و جيت باطلع و صادفت الوالدة بطريقي ...
- بسـّـام ! وين ؟؟؟
و هي تناظر ثيابي مستغربة
- مع الشباب ، على البحر .
- مو كأنك قايل ....
- ايه ، بس مشغولة و أجلنا لوقت ثاني .
تامري بشي قبل ما أمشي ؟
- الله يحفظك ...
كانت الساعة ثمان الليل ، ركبت السيارة و سرت بملل ... و دقايق ،
إلا و الجوال يرن علي ...
تفاجأت ، لأني ما توقعتها ترد تتصل بعد ما قالت : تصبح على خير ...
- هلا قمر !
- أهلا بسّام ... وينك فيه ؟
- بالسيارة ...
- وين رايح ؟
- أمر على الشباب ... بغيت ِشي ؟
ما ردت على طول ... ، لما شفتها ساكته شجعتها :
- آمري ؟ تدللي ؟
- تعبت من شغل الواجبات ، باكمل بعدين ... أبي أغير جو ....
عاد أنا ما صدقت خبر !
يا حليلهم البنات ! بسرعة يغيروا رايهم !
- ثواني و أنا عند الباب ... !
- لا لا تسرع ... على مهلك .
- تخافين علي ؟
- ......... أشوفك على خير .
تفشلت و أنا راد البيت ، و داخل مبدل ثيابي مرة ثانية ،
و طالع و الوالدة تراقبني باستغراب !
- بسـّـام ! وش سالفتك الليلة ؟
- إذا بغيت ِشي يمـّه دقي علي الجوال ، مع السلامة .
و طلعت بسرعة ، و طيران لبيت ولد خالي ...
بعد أقل من ربع ساعة ، كنا أنا و قمر ، جالسين سوى بالسيارة ،
و لأول مرة...
لفترة ، ظلينا ساكتين ، مش لأنه ما عندنا كلام نقوله ،
لكن ... الخجل !
الحين أعذرها ، إذا كنت أنا نفسي حاس بارتباك شوي ،
كيف هي ؟ البنت الخجولة الهادئة !؟
شوي شوي ، و أكيد رح نتعود على بعض ،
و نصير مثل اللي يجيبونهم في المسلسلات !
لازم أكا أكسر حاجز الصمت الرهيب ذا ،
وش أقول ؟ أحد يسعفني ؟
واحد جالس مع خطيبته ، بايش يبدأ الكلام ؟؟؟
- بقى لك كثير من الواجبات ؟
- لا ، لما أرجع أكمل الباقي ...
- مذاكرة ؟ امتحان ؟
- أبدا ، موضوع مطلوب مني القيه على زميلاتي
و جالسة اكتب فيه و ألخّـص ...
زهقت منه ... بغيت أغير جو ...
أما أنا ما عندي ذوق ، البنت زهقانة من واجبات الدراسة ،
و أنا جاي اكلمها عنها ؟ خلني أغير الموضوع أحسن ...
- وين تحبي نروح ؟
- بكيفك ...
- فيه مطعم فاتحينه قبل شهرين ثلاثة ،
جربته مرة و عجبني كثير ... نروح نتعشى فيه ؟
- و هو كذلك ...
بعدها ، ظلت هي تراقب الشارع و السيارات ،
يعني وجهها لاف الجهة الثانية ، و أنا كل شوي التفت لها ،
تمنيت نظراتنا تلتقي ، بس ظلت شارذة عني و ساكتة
لين وصلنا المطعم ...
الحين ، صرنا جالسين وجها لوجه ،
اقدر آسر نظراتها و احتكرها لي !
طلبنا الوجبة ، هي ، كان اختيارها بسيط جدا ،
و أنا ، مع شهيتي المفتوحة ، طلبت كل اللي راق لي !
- أنت ِمسوية ريجيم ؟
- لا أبدا ، بس بالليل ما أحب أكثر ...
أنا ( مليان شوي ) و ضخم حبتين ، و خطيبتي رشيقة
و اقرب للنحافة ، يعني لازم أحاول أخفف ، و ندمت على
الطعام الزايد اللي طلبته ، و لا لمسته ...
طول الوقت وأنا اراقبها ، و نظراتها على الطاولة ،
على الشنطة ، على كاس العصير على أي شي ،
إلا على عيني أنا ...
لمحات بسيطة و عابرة ، اللي تمنحني إياها من حين لحين ...
و أنا بصراحة ودي اتأمل بعينها ... و اركز بنظراتها
بحرية ... مو خطيبتي ؟ ؟ ؟
لازم الفت انتباهها ... و استحوذ على اهتمامها ....
و هي تحرك قطع الجليد بكاس العصير بالماصّـة ،
و عينها على دوامة العصير داخل الكأس ، ناديتها بصوت منخفض ...
- ... قمر ....
رفعت البنت نظرها عن الكأس ، و طالعت فيني ...
بلعت ريقي ! كأن الكلام اللي ودي أقوله انبلع مع الريق ،
و ظل طرف لساني فاضي ... توهقت ... !
- إن شاء الله عجبك المكان ؟؟؟
( هذا اللي قدرت عليه ! )
- أكيد ...
و رجعت أنظارها للدوامة اللي بعدها ما وقفت ....
انقهرت من نفسي ! البنت كلامها مثل نظراتها مثل أكلها ، قليل ...
و أنا مو عارف كيف أبدأ !
لكن مستحيل استسلم ، ما أخلي ذي الليلة المميزة تمر كذا ...
لازم اتقرب منها اكثر ، لازم أحمّـي علاقتنا شوي ...
بس ما أدري هي وش تتوقع مني و ايش تتقبل عند هالحد ؟
استجمعت عزيمتي مرة ثانية ، و انتهزت لحظة شربها للعصير –
و كأنّ الماصـّة حاجز يخفي ارتباكي شوي ! ــ
و قلت قبل ما اتردد :
- عيونك حلوة ...
يمكن العصير اللي دخل حلقها تخرّع من كلمتي و تلخبط
و دخل القصبة الهوائية بدل البلعوم ، لأنها فجاة شرقت و
كحّـت متواصل لكذا ثانية !
- سلامات ...
- آسفة ...
و بعد ( آسفة ) ما قالت شي ، و رجع الصمت ...
و ما رفعت عينها صوبي بعدها
ما ادري ، هل ( الشرقة ) سبقت كلامي ؟ ما وصلها ؟
ما سمعتني بسبب الكحة ؟ و الا الكحة بسبب السمع ؟
بس و الله ما أفوتها ! ما صدقت لساني قال ( كلمة حلوة ) !
أكيد سمعت ، بس الخجل يمنعها تقول شي ... و أكيد
تنتظر مني أنا أتكلم ...
- كأنها سما الليل ... سوداء ... و صافية ...
لمحت شبه ابتسامة خجل على زاوية من من شفايفها ،
و انحنى راسها أكثر و أكثر ، كأنها تبي تبعد نظراتها أكثر و
أكثر ... كأنها تبي تدفن رأسها بالأرض !
للحق ، أنا انبسطت !
حسيت بتوترها ، يعني كلامي وصلها و عنى لها شي !
و هذا منحني جراة أكبر أني أواصل ...
- أنا محظوظ !
الناس كلهم يقولون عني ( خفيف دم ) ، الناس اقصد بهم
أصحابي و معارفي و أخواني بالبيت ، أما دمي على
الـ ( بنات ) ما أدري كيف يكون ؟ يا ليته يكون خفيف عليك يا قمر ،
يا ليتك تستلطفي كلامي ... يا ليت تاخذي عني
انطباع حلو ، يا ليت اعجبك !
جيت أبي افتح فمي باقول شي ، إلا و الجوال يرن ، جوالي !
( الله يهديك يا الوالدة ! هذا وقته الحين ؟؟؟ )
رديت على المكالمة ..
- هلا يمـّـه
- هلا بسـّام ، وينك ؟
- خير يمـّه بغيت ِشي ؟
- أخوك ( رائد ) تعب علي ، الحق نوديه المستشفى ...
- رائد ؟ وش صابه ؟
- ما ادري و الله وش بلاه ما هو بخير ... لا تتأخر ...
- إن شاء الله يمـّه ...
و انهيت المكالمة
بالله هذا وقته يا رائد ؟ هذا وقته ؟؟؟
أخيرا ، قمر رفعت نظرها صوبي ، و بوجهها تساؤل ...
خجلت و انا اتنهد بلا حيلة ، و تلعثمت و انا اعتذر ...
- أأأ ... اعذريني يا قمر ، لازم نروح الحين ... آسف
- ... خير ...؟
- و الله آسف ، بس أخوي رائد شكله تعب ، و باروح أوديه الطبيب ...
تعرفي ما غيري مسؤول بالبيت ...
- سلامته ، عساه بخير ...
- ان شاء الله ، أنا آسف قمر ....
- ما فيه داعي للاعتذار أبدا ... يالله نقوم ...
- نعوضها المرة الجاية ، و الجايات أكثر ...
قلتها و ابتسمت ، أبي منها أي ابتسامة تشجيع أو تأييد ،
بس البنت انشغلت بشنطتها عني ، و طلعنا من المطعم ،
و للسيارة ، و ردت تراقب الشارع ...
و أنا مقهور في داخلي ، ما قدرت اتهنى بأول ليلة أطلع فيها
مع خطيبتي ... ما قدرت أعيش معها لحظة مشاعر وحدة !
لما وصلنا عند بيت ولد خالي ، حتى ما قدرت أمر أسلم عليهم ...
كنت مستعجل و إذا أخوي رائد تعب يعني مشكلة ...
وقفت السيارة ، و قبل ما تنزل خطيبتي رديت اعتذر لها ...
- انا آسف كثير قمر
- ماله داعي الأسف ، بس طمّـني على رائد
- إن شاء الله ...
- تصبح على خير
و هي تفتح الباب ، قلت ...
- اقدر أشوفك بكرة ؟
كنت أبي اتمسك بأي خيط أمل تعويض عن اللي فات ،
و قبل ما ترد علي ، زدت:
- اقدر أجيبك كل يوم من الجامعة ، بدل الوالد ؟
ما ردت للثواني الأولى ، بعدها قالت :
- نشوف ، يصير خير
مع السلامة
و نزلت من السيارة ، و راحت ...
أنا ظليت أراقبها لين دخلت البيت ، و صكت الباب ...
هذا كان أول يوم نطلع فيه سوى أنا مع مخطوبتي ...
ما ظلينا سوى ، غير ساعة و ثلث ...
مسكين رائد ! هو تعبان و أنا مقهور فيه لأنه حرمني من عز فرحتي !
بالله لو رحت البحر مع الشباب وش صار ؟
رائد أخوي ، توأم ( ماجد ) ، أخوي الثاني
التوام اللي طلع مريض من بينهم ، و اللي له سجل وش كبره في المستشفى ...
و اللي بسببه هو ... صار اللي صار ، بعد كذا ...
******************