عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 17/12/2008, 10:11 AM
الفارس الاخير
مُخلــص
 
: " أثر المعصية في الفرد والمجتمع "لسماحة الشيح أحمد بتن حمد الخليلي

وكذلك الذي يصر على قتل النفس المحرمة بغير حق والذي يصر على عقوق والديه والإساءة إليها وقد ربياه صغيراً والذي يصر على قذف المحصنات وناول أعراض الناس من هنا وهناك من غير مبالاة ولأن ذكر لا يذكر لا ريب أن توبته بعيدة " إنما التوبة للذين يعملون السوء بجهاله " ثم مع ذلك ينثى عن غيه ويتوب إلى رشده عن قريب فإنه بفضل الله تعالى يتداركه عز وجل بلطفه ويغلق عليه سبب رحمته فيتوب إلى ربه سبحانه وتعالى ويصقل مرآه نفسه فتذكر هذه النفس بعدما كانت عليه من الغي والفساد وأنتم تلاحظون أن هؤلاء الذين وعدهم الله سبحانه وتعالى قبول التوبة وجعلها امراً لازما لم يصفهم 
بأنهم يعملون السيئات بل وصفهم بأنهم يعملون السوء بجهاله أتى بلفظ السوء مفرداً لم يقل يعملون السيئات ولم يقل يعملون الاسواء لأن هؤلاء عندما يقع أحدهم في معصية لا تكاد معصية أخرى تردفها إلا وقد تاب إلى ربه سبحانه وتعالى وأقلع عنه فذلك ذكر السوء هنا بصيغة الإفراد أما الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم بأنهم ليست التوبة لهم وصفهم بأنهم يعملون السيئات ويستمرون عليها بحيث تتابع بسيئاتهم لأنهم لا يقعون في سيئة واحدة فقط وإنما كل سيئة من سيئاتهم تجد ورائها أخوات وهكذا يسترسلون في الغي ويرتكبون المعاصي معصية بعد معصية ويقترفون السيئات سيئة بعد سيئة بوصفهم سبحانه وتعالى بأنهم يعملون السيئات
وأنهم يستمرون إلى أن يحضرهم الموت فعندما يحضرهم الموت ويرون علاماته وتبدو ولهم شاراته ويدركون اليأس من هذه الحياة عندئذ يقول أحدهم " إني تبت الآن " فتوبته ليست توبة حقيقة وإنما هي توبة الدعي " حتى إذا حضر احدهم الموت قال إني تبت الآن " ولم يقل سبحانه تعالى حتى إذا حضر أحدهم الموت تاب

وإنما قال " قال إني تبت الآن " فمثل هؤلاء كمثل الذي يصلط على رأسه بعد أن يعثر عليه لأنه مقارفاً لأمراً لا يرتضه النظام ولا يقره القانون فيحاول أن يتملص ويحاول أن يتخلص بقوله " إني تبت الآن " ولذلك جئ بكلمة الآن لأن هذه التوبة توبة غير مستمرة وإنما هي توبة إليه فلو أن من اسلك عليه الحسيف من قبل النظام أومن قبل القوة وكاد السيف فإنه سرعان ما يرجع إلى غيه وكذلك هذا الذي يرى علامات الموت وييأس من الحياة لعاد عادت إليه الحياة لا عاد إللى مكان عليه من غياً وفساد كيف واللهتبارك وتعالى يقول في أهل النار " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " هذا ولا ريب أن هذه المعصية التي تصدر من العاصي هي شذوذ عن الفطرة وانحرافاً عن النظام الذ طبع الله تبارك وتعالى عليه الوجود ولذلك سمي مرتكب المعصية المصر عليها فاسق أي " خارجا"

إذ الفسوق هو الخروج واستحق هؤلاء اسم الفسق بسبب خروجهم عن النظام الذي رتب الله تبارك وتعالى عليه هذا الوجود والفطره الني فطر الله عليها الكون ومن بين أفراد هذا الكون الجنس البشري وبذلك تكون معصيته التي يصر الله عليها نشاذا بينه وبين هذا الكون الواسع الأرجاء المترامي الأطراف فإن الكون كله متمثلاً لأمر الله منقاداً لحكمه كيف والله سبحانه وتعالى يبين لنا أنه قال لسماوات والأرض اتيني طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين فالكون كله متمثلاً لأمر الله ولكن الإنسان يشذ عن هذا النظام هذا الكزن عندما يتبع منهج الشيطان الذي خرج هو أيضا عن نظام هذا الكون هذا هو الأثر الذي يكون بالنسبة إلى الفرد الذي يعمل السيئات ويصر على هذه السيئات ولا يقلع عن غيره ولا يتوب على رشده أما بالنسبة إلى أثر المعصية على المجتمع فإن أثرها أثراً خطيراً جداً عندما تتفش وتنتشر لا ريب أن المعصية قد يبدو للإنسان أن بعضها إنما تكون فيما بين العاصي وبين ربه وهي التي لا يبدو أن فيها حقا للعباد أثرها السئ على العباد فلذلك كان من المفروض على الناس جميعاً أن يتعاونوا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حتى يطهروا مجتمعهم من رجس المعصية ويتخلصوا من أثرها السلبي لنقدر المعصية التي تبدو وللناس أن العلاقة بينها وبين غير العاصم عليم للكذب والزنا والكبر والعجب والرياء وسائر هذه الأعمال التي يبدو أنها إنما هي بين العاصي وبين ربه ولا علاقة للمجتمع بها للنظر إلى مثل هذه المعاصي ماذا عسى أن تكون حالتها قبل كل شيء علينا أن ندرك المعصية إما أن تكون بفعل منهيا عنه أو ترك ما أمر به يفعل المنهين عنه
كما ذكرنا ففعل المنهي عنه كما ذكرنا وترك الأمور به كترك الصلاة والصيام والزكاة والحج آثارها وبر الوالدين وما إلى ذلك لننظر في كلا الأمرين ما هي العافية التي تنعكس آثارها على المجتمع لنّظر أولا في الكذب هل مضرة الكذب خاصة بالكذاب وحده أو أن مضره الكذب تنعكس آثارها على المجتمع بأسره

إن مضره الكذب ليست بالمر الهين فالإنسان الكذاب لا يبالي بأن يفعل أي معصية كانت إذ التزم الصدق هو الذي يدعو إلى البر بينما يعود الكذب الذي يدعو إلى الفجور فالنبي  يقول " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وغن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق في كلامه حتى يكتب عند الله صديقاً وإيكم الكذب ف، الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " هذا الإنسان لا يبالي بالكذب مع إنه يعلم أن الكذب أمراً عظيم هل يطمئن إليه في معاملاته هل يوثق به في بيعه وشرائه هل يعتمد عليه في أجرئه وعطائه لا ريب أنه لا يعتمد عليه فإن مضرته مضرة عظيمة فهو لا تؤمن منه الخيانة ولا يؤمن منه الغدر ولا يؤمن منه الفجور في أي حال من الأحوال لأن الكذب بدعاة لذلك كله كذلك إن تعود هذا الإنسان العيب لا ريب أن اعتياده إلى الغيبة يؤدي به إلى هتك الأعراض الناس وعدم مبالاته بحقوقهم وحرماتهم وهذا بطبيعة الحال مما يؤدي إلى العدواة فيما بينهم ثم إن ذلك قد يؤدي إلى تجاوز هذا الحد حتى يقذف المحصنين والمحصنات وقذف المحصنين والمحصنات من أهم المخاطر فإن المعصية التي تسبب إلى هؤلاء عندما يقذف أم القاذف ليست بالأمر الهين فعندما يتحدث إنسان بأن فلان وقع فيها أو فلانة وقعت فيها ويتفشى
ذلك في المجتمع تكون هذه المعصية في نفوس صغار النفوس قلال العقول حتى لا يبالوا فيما بعد بسبب تفشي ذكرها

ولذلك شدد الله سبحانه وتعالى العقاب عليها في الدنيا وفي الآخرة أما في الدنيا فقد أمر بعقوبتين شديدتين عليها في هذه المعصية من قبول الشهادة ، أما في الآخرة فإن عقوبتها عقوبة شديدة بينها الحق سبحانه وتعالى في قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) النور : 32-25 ، أما لزنا فإن ضرره بين الزانيين فحسب إذ أمر أمراً كبيرا فالزاني والزانية كلاهما يهدمان شرف آسرتيهما إذ الزنا خيانة ليست بعدها خيانة .

كلاهما يهدمان شرف أسرتيهما إذ الزنا خيانة ليست بعدها خيانة فهذا الزاني يخون أمراته ويخون أسرة ويخون مجتمعه بالإفضاء إلى المرأة الزانية والمرأة الزانية أيضا بزناها تخون زوجها وتخون أسرتها بالعار وتخون مجتمعها وتلحق بأسرتها من ليس من دمهم وفي مثل هذه الحالة عندما يتفشى الزنا والعياذ بالله لا يطمئن أحداً إلى نسبه لا يطمئن ولداً إذ لا يعرف هل هو من دمه أو هو من دماء قوم آخرين وبسبب عدم اطمئنانه تكون القطيعة وتكون البغضاء ما بين الأسرة الواحدة فأثر المعصية إذ ليس بالأمر الهين كذلك عندما تكون المعصية شيئا فشيئا قلبيا أي أمرا باطنا في نفس الإنسان كرياء والعجب والكبر والحسد وأمثال هذه الأشياء لا ريب أن أثارها أيضا تظهر على سطح هذه الحياة ولا ينعكس على من تلبس بها فحسب إنما تنعكس أثارها على الكثير الكثير من الناس فندما يتكبر الإنسان على غيره من البشر لا ريب أنه يحتقرهم ولا يبالي بحقوقهم وكرماتهم وبسبب كبريائه وتتطاوله عليهم يغبطهم ما لهم من الحقوق ويتجرئ على مالهم من الحرمات وفي مثل هذه الحالة يكون التدابر بين الناس وتكون القطيعة بينهم كذلك عندما يتلبس الإنسان بالحسد والعياذ بالله فإن حسد يدعو إلى البغي على المحسود
وهذا أمرا يفضي إلى القطيعة والعداوة في ما بين الناس كذلك عندما يأتي الإنسان ما يأتيه من الأعمال رياء لا يطمئن إلى صدقه في معاملاته ولا يطمئن إلي لا يغدر بالناس بسبب أنه لا يخشى الله سبحانه وتعالى في قرار نفسه وهكذا تكون أثار المعصية تنعكس على المجتمع بأسره ويتجرع هذا المجتمع مرارتها أما إن كانت هذه المعصية يترك مأمر به كان يترك الإنسان الصلاة وأن يترك الزكاة أو أن يترك الصيام
أو أن يترك الحج مع القدرة عليه فإنه يحرم من أثار هذه العبادات على نفسه ويحرم مجتمعه فالإتيان كيف والصلاة هي كما قال سبحانه وتعالى (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) فالإتيان بها على الوجه الشرعي من غير تقصير في شيء من حقوقها ومن غير تجاوزاً لشيئا من حدودها يؤدي بطبيعة الحال إلى أن يكون الإنسان متقيا منآة الله سبحانه وتعالى فإن كان على عكس ذلك فعدم الإتيان بالصلاة أو عدم المحافظة على ما الها من حقوق وما جعل الله سبحانه وتعالى فيها من روح وهي الخشوع لله  و بلا من ذلك يؤدي إلى أن يكون هذا الإنسان سيئ المعاملة فبينما بينه وبين غيره والدليل على



ذلك واضحا قوله سبحانه وتعالى (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) ( الماعون: 1-7 ) إذ ذكر الله سبحانه وتعالى التكذيب بالدين ودع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين ثم بعد ذلك توعد بالويل للمصلين الذي عن صلاتهم ساهون مع أن سياق الكلام كان يقتضي أن يقول فويل لعم أو فويل لهؤلاء ولكن بدلاً من ذلك جعل الويل منصب على المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون من أجل الإشعار بأن سهوهم عن الصلاة كان هو السبب في مقارفة ما ذكر الله فإذا هذه المعصية تكون ذات أثار سلبية على المجتمع ومنع الزكاة كذلك بل آثار منع الزكاة ظاهرة فإن الزكاة وإن كانت عبادة لله بحانه إلا إن فيها حقوقا للعباد عندما يمنعها الإنسان يحرم بها ومع هذا كله أيضا لا تكون نفسه متربية على الفضائل بل يعكس ذلك تكون نفسه أسيرة شهوة المال إن هذه الشهوة الجامحة تستولي على هذه النفس وعندما تستولي عليها لا تبالي بالوط على جميع الفضائل والقيم في سبيل لإشباع هذا النهم الذي لا يقف عند حد وهذا أمرا يظهر من إجرام المجرمين الذين يسفكون دماء الناس ويقطعون عليهم السبل ويزهقون أرواحهم فإن ذلك كثيراً ما يكون بدافع من شهوة المال الناس مع قوة سلطانها أن يطرد على جميع القيم ولا ربما أدت بالإنسان إلى أن يعتدي على أقرب أقربائه وأخفى خاصة رغبة في إشباع هذه النفس التي لا يقف شعارها عند أي حد من الحدود والصيام هو سببا من أسباب الاستمساك بحبل التقوى
فإن الله سبحانه وتعالى بين حكمه مشروعية الصيام في أول آية من آيات الصيام وفي آخر آية من هذه الآيات أما في أول آية فذلك قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة : 183 ) أي لتتقوا فإن لعلها بمعنى كي إذ هي تعليلية كما قاله عدد كبير من النحاه وكما جنحت إليه طائفة من المفسرين وأما الآية الأخيرة فهي قوله الله سبحانه وتعالى (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) البقرة: 187 وهي تدل على أن مشروعية الصيام من أجل التقوى وتقوى الله سبحانه وتعالى هي صمام الأمان في هذه الحياة فهي ضمان لحسن التعامل فيما بين الناس بحيث لا يعتدي أحداً على حقوق الآخرين ولا يتجاوز حدوده ولا يطلب ما ليس له وهذه التقوى هي التي تؤدي بالإنسان إلى أن يبذل ما عليه وأن يزيد على ذلك من تلقي نفسه تقربا إلى الله سبحانه وتعالى فندما ما يدع الإنسان الصيام
أو يصوم صياما غير الصيام المشروع الذي هو ضبط النفس عن جميع شهواتها ومنعها من مقارفة أي معصية من معصية الله لا ريب أن صيامه ذلك الذي هو مجرد أمراً شكلي يجعله جزا على الوقوع في معاصي فجعله جزءا على تجاوز حدوده وعدم المبالاة بما بشرع للناس من حقوق في هذه الحياة والحج مثل ذلك فإن الحج تطي بالتقوى في آيات كثيرة في الكتاب العزيز فمن ترك الحج لم ينل ما يكسبه الحاج ويتزوده في تلك العراس الطيبة الطاهرة من تقوى الله سبحانه وتعالى وهذا يؤدي كنا قلنا لعدم المبالاة بحقوق الناس..


يتبع..



من مواضيعي :
الرد باقتباس