لماذا لا تغار على بناتك واخواتك

ايها الأحباب الكرام

ونحن نبحر في هذه الحياة، نرى الفتن والمغريات والدعوة إلى الفاحشة من خلال التبرج والسفور لدى بعض النساء التي زين لهن الشيطان او اللاتي ليس هن على الإسـلام.

فكنت اتأمل كيف سبحانه وتعالى منّ علينا بنعمة الإسلام ونعمة الإيمان وكذلك نعمة الغيرة، تعجب ان البعض ليس لديه غيره على نساءه.

فلا حرج عنده إذا رأى ابنته متبرجة ومتزينة، وربما وصل إلى انه لا يبالي إذا ابنته تخرج مع الفتيان، وربما وصل اكثر من ذلك انه لا يبالي إذا سافرت من مكان إلى مكان ومعها رجال بحجة العمل او الدراسـة بدون محرم.

وربما اخواني واخواتي هو من يأمر بناته او زوجته او اخواته بالتبرج والسفور واظهار المفاتن، وهذا كله من موت الغيرة والعياذ بالله، وقد جاء الوعيد لمن هم تنطبق عليهم صفات الدياثة.

قال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث )

وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر ) قالوا يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال ( الذي لا يبالي من دخل على أهله ) قلنا فما الرجلة من النساء قال التي تشبه بالرجال. رواه الطبراني ورواته ليس فيهم مجروح. وقال الألباني حديث صحيح لغيره.

وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله كلام نفيس حول تأثير الذنوب والمعاصي على موت الغيرة لدى الرجال. فقد قال رحمه الله في كتاب الداء والدواء ( ومن عقوبات الذنوب: أنها تطفىء من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن.

فالغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة، كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد، وأشرف الناس وأجدهم وأعلاهم همة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس.

وقال في موضع آخر في نفس الكتاب: والمقصود أنه كلما أشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس، وقد تضعف في القلب جداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك. اهـ

وهذا اخواني واخواتي ما نراه من البعض يجهر بالزنا في الطرقات ولا يبالي سواء من الشاب او الفتاة، فلنتأمل كلام ابن القيم رحمه الله فهو يكتب بماء الذهب.

وقال ايضاً رحمه الله: وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح، بل يحسن الفواحش والظلم لغيره، ويزينه له، ويدعوه إليه، ويحثه عليه، ويسعى له في تحصيله، ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله، والجنة حرام عليه، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه له.

وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب فتموت الجوارح، فلا يبقى عندها دفع البتة. اهـ

انظروا اخواني واخواتي تأثير المعاصي والذنوب على القلب والأفعال، لهذا كلما يأتي زمن نجد زيادة الفساد وكثرة التبرج والسفور، وعندما تبحث عن تلك البيوت، لا تجد غيرة لدى الرجال إلا ما رحم ربـك، وكذلك لا تجد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فعلينا اخواني واحبتي المحافظة على هذه الغيرة، فإن كان لديك غيرة على محارم الله وعلى اهلك وكنت من المستقيمين والثابتين على الدين فابشر بالخير.

وعلينا بإصلاح انفسنا، ثم اصلاح بيوتنا وأمرهم بالمعروف ونهييهم عن المنكر، فإذا رأينا شيء من اخواتنا من تبرج او وضع عطر والخروج إلى السوق، فلننهى عن المنكر ولا نخاف في ذلك.

ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) صحيح الجامع.

وقد قال الله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )

جاء في التفسير الميسر: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, احفظوا أنفسكم بفعل ما أمركم الله به وترك ما نهاكم عنه, واحفظوا أهليكم بما تحفظون به أنفسكم من نار وقودها الناس والحجارة, يقوم على تعذيب أهلها ملائكة أقوياء قساة في معاملاتهم, لا يخالفون الله في أمره, وينفذون ما يؤمرون به. اهـ

نسأل الله تعالى ان يوفق الجميع لما فيه الخير
ونعوذ بالله من موت الغيرة

والله الموفق